للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصغار في الحارة، وكان لهم جار صبي أمرد يعلم صنعة القمريات، فلعبت عينه على الكوفية الذهب التي على رأس البنت، فلعب بعقلها وقال لها: أمك في السيدة نفيسة وأرسلت تطلبك هناك، فمضت معه وأخذ معه عبدا أسود، فلما مضوا توجهوا بتلك البنت إلى تربة خراب خلف مزار السيدة نفيسة، فذبحوها هناك وحملوها وألقوها في فسقية موتى هناك، وأخذوا الكوفية التي على رأسها، وتركوها تتلعبط في دمها، فأقامت هناك يوما وليلة، فكثر التفتيش عليها من أمها وأبيها، فنزل أبوها إلى السوق وأوصى التجار على الكوفية الذهب التي كانت على رأس ابنته، فإذا رأوها فليأتوه بها.

فبينما هو في الصاغة وإذا بالصبي الأمرد الذي أخذ الكوفية وذبح البنت في الصاغة ومعه الكوفية، فأشهرها في المناداة، فتناهى سعرها إلى أربعين أشرفيا، فقال له: بعتك فقال له: الدلال أحضر لك ضامنا ثقة فلم يجد من يضمنه، فقبضوا عليه، وأحضروا أبا البنت فقبض عليه، وتوجهوا إلى باب الأمير كمشبغا، فلما عرضوه على الوالي ضربه بعض عصي فأقر أنه أخذ الكوفية عن رأس البنت وذبحها ورماها في فسقية موتى خلف مزار السيدة نفيسة ، فقالوا له: امض معنا وأرنا ذلك المكان الذي رميتها فيه، فخرج معهم وهو في الحديد، وأتى بهم إلى تلك الفسقية التي رماها بها، فنزل أبو البنت إليها فوجدها راقدة وهي مذبوحة وفيها بعض روح، ولم ينقطع وريدها من الذبح، فحملها وطلع بها من تلك الفسقية.

فلما بلغ ملك الأمراء ذلك أرسل فأحضر الجميع بين يديه، وقصوا عليه قصة الصبي، وما جرى له مع البنت، فحزن عليها ملك الأمراء وقال لها: من فعل بك هكذا فأشارت إلى الصبي والعبد الأسود الذي على باب البيت الذي منه البنت، وأحضروا للبنت من قطب لها مكان الذبح الذي برقبتها، وعاشت بعد ذلك وبرئت من الذبح، فعد ذلك من العجائب والنوادر الغريبة.

قيل: إن البنت لما رماها الصبي في الفسقية وهي مذبوحة، حكت لأمها وقالت لما مت في الفسقية دخلت على امرأة وعلى وجهها برقع، وقالت لا تخافي أنا السيدة نفيسة، وغدا أخلصك من هذا المكان، ثم مسحت الدم من رقبتي فانقطع في الحال، وسكن روعي مما كنت فيه. وهذه الواقعة قد اشتهرت في القاهرة.

*****

وفي شهر رمضان وكان مستهله يوم الثلاثاء، طلع القضاة الأربعة وهنأوا ملك الأمراء بالشهر ثم رجعوا إلى دورهم. وفي ليلة الرؤيا توجه القاضي بركات بن موسى المحتسب

<<  <  ج: ص:  >  >>