للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه رسم ملك الأمراء بشنق خمسة أنفار مسكهم شيخ العرب ابن أبي الشوارب، زعم أنهم كانوا من أكابر المنسر وأعيان المفسدين. فلما قبض عليهم ابن أبي الشوارب، أرسل كاتب ملك الأمراء بذلك، فأرسل إليه القاضي بركات بن موسى المحتسب. فأحضرهم إلى القاهرة، فرسم ملك الأمراء بشنقهم، فشنقوا. وشنق في ذلك اليوم شخص من الناس زعموا أنه سرق إزارا ونقابا وشعرية فراح ظلما. وكان ملك الأمراء عجولا في أمر القتل.

وفيه نزل ملك الأمراء وسار إلى نحو بلقس، ثم رجع من هناك ودخل من باب النصر وشق القاهرة، فلما شق منها لم يدع له أحد من الناس بالنصر، ولا زغرتت له النساء من الطيقان، بل أغلظ عليه بعض العوام، وقال له: انظر في أحوال المسلمين بالشفقة بسبب الخبز والدقيق، وسائر الأسعار، فإن البضائع متشحطة.

وفي يوم الثلاثاء تاسعه توفي القاضي شمس الدين محمد بن عبد الكافي، أحد نواب الشافعية، وكان من أعيان النواب، وكان ضخ الجسد مثقلا بالشحم جدا.

وفي يوم الأربعاء عاشره كان أول مسري من الشهور القبطية، ففيه زاد الله في النيل المبارك عشر أصباع، فسر الناس بذلك، وكان في أول الزيادة صار يسلسل في الزيادة أصبعا أصبعا على عشرة أيام متوالية، ثم في اليوم الثاني من مسري زاد الله في النيل المبارك خمس عشرة أصبعا في دفعة واحدة فسر الناس بذلك إلى الغاية.

وفي يوم الثلاثاء ثالث عشريه كان ختان أولاد النصف من شعبان، فأقرأ ملك الأمراء في تلك الليلة ختمة بالقلعة، واستدعى القضاة الأربعة، فلما تكامل المجلس شرع قاضي القضاة محيي الدين يحيى بن قاضي القضاة برهان الدين الدميري بتكلم مع ملك الأمراء بأن يشفع في القاضي نور الدين علي الفيومي، وقد تقدم القول أن ملك الأمراء تغير خاطره عليه فنفاه إلى دمنهور، وأقام بها مدة طويلة. فلما شفع فيه القاضي المالكي رسم بإحضاره من دمنهور، وكان أحد نواب الحنفية فكثرت فيه الشكاوى، وكان غير محمود السيرة.

ثم في ذلك المجلس شفع قاضي القضاة المالكي أيضا في شمس الدين محمد السرماجي، فتوقف ملك الأمراء في أمره قليلا، وعد له جملة مساوي، فلا زال قاضي القضاة يتلطف به حتى رضي عليه، وكان منعه أن يعمل قاضيا أو شاهدا ويلزم بيته دائما، فكتب عليه قسامة بذلك فرضي.

ثم أن قاضي القضاة شفع في نور الدين علي الحسني المعروف برصاص المؤذن بأن تعاد له وظائفه التي كانت في المدرسة الغورية، وكانت خرجت عنه لما توجه إلى إسطنبول وأقام بها، فلما شفع فيه رسم له بإعادة وظائفه التي كانت بالغورية، وكان قاضي

<<  <  ج: ص:  >  >>