للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقبل منه تلك التقدمة، فأقام بإسطنبول مدّة ثم رسم له بالعود إلى مصر. فلما بلغ الأمراء قدومه إلى مصر خرجوا إليه قاطبة، وخرجت إليه أعيان المباشرين قاطبة، وجميع مشايخ العربان والكشّاف والمدركين قاطبة.

فلما كان يوم الجمعة ثانى عشر صفر وصل الأمير جانم الحمزاوى إلى خانقة سرياقوس، فمدّ هناك له القاضى بركات بن موسى المحتسب مدّة حافلة، هذا بعد أن لاقاه من الصالحية. وأشيع أن حضر صحبة الأمير جانم الحمزاوى حريم ملك الأمراء الذى كان بإسطنبول من حين ملك السلطان سليم شاه الديار المصرية، فلما ولى السلطان سليمان ولده على مملكة الروم رسم بعود حريم ملك الأمراء إليه وأولاده، فلما حضرت زوجة ملك الأمراء طلعت (١) إلى القلعة تحت الليل على المشاعل والفوانيس وهى فى محفّة، فلما طلع النهار طلع إليها سائر المغانى يهنّونها بالسلامة. ثم إن الأمير جانم رحل من الخانكاه وتوجّه إلى تربة العادل فبات بها.

فلما كان يوم السبت ثالث عشره صلّى ملك الأمراء صلاة الفجر ونزل من القلعة وتوجّه إلى تربة العادل التى بالريدانية، فجلس على المصطبة التى هناك وسلّم على الأمير جانم الحمزاوى، ثم أحضرت إليه الخلعة التى أرسلها إليه السلطان سليمان بن عثمان باستمراره على نيابة مصر عوضا عنه، فقام ولبسها وقبّل الأرض إلى نحو القبلة، وكانت الخلعة تماسيح مذهب على أحمر. ثم قصد الدخول من باب النصر وشقوق القاهرة، فاصطفّت له الناس على الدكاكين بسبب الفرجة، وأوقدت له الشموع على الدكاكين، وعلّقت له القناديل فى الثريات (٢)، ولم تزيّن له القاهرة فى ذلك اليوم، وكان سبب ذلك أن بلغ ملك الأمراء أن السلطان سليمان قد مات له ولد ذكر مراهق، فمنع الزينة بسبب ذلك.

فلما وصل إلى قبة يشبك الدوادار لاقته الأمراء الجراكسة والعسكر من المماليك الجراكسة قاطبة، ولاقته قضاة القضاة الأربعة، وهم كمال الدين الطويل الشافعى ونور الدين على الطرابلسى الحنفى ومحيى الدين الدميرى المالكى وشهاب الدين أحمد


(١) طلعت: وطلعت.
(٢) الثريات: التريات.