للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحضروا القاضى بركات بن موسى بين أيديهما وقالا له: الخندكار يسلّم عليك، ويقول لك بيّض الله وجهك الذى رجعت بالحجّاج سالمين، بخلاف ما جرى على الحاج الشامى. فقام وقبّل الأرض عدّة مرار وكشف رأسه. فلما وصلوا القصّاد إلى شبرا خرج الأمير قايتباى الدوادار إلى ملاقاتهم وجماعة من الأمراء الجراكسة، فسلّموا عليهم ورجعوا إلى دورهم.

ثم فى يوم الثلاثاء سابع عشرينه دخلوا القصّاد إلى القاهرة وقت صلاة الصبح، فطلعوا من على الجزيرة الوسطى، وأتوا من على باب الخرق، وأتوا إلى تحت الربع، وتوجّهوا من القربيّين فأنزلوهم فى بيت الأتابكى قرقماس من ولى الدين الذى عند حوض العظام، فأنزلوا به إسكندر باشاه، وأنزلوا فرحات بك فى بيت الأمير كسباى المحتسب الذى عند مدرسة سودون من زاده (١)، فمدّ لهما القاضى بركات بن موسى هناك مدّة ثالثة لكل واحد منهما على انفراده. فاستمرّوا هناك إلى يوم الثلاثاء سابع عشرينه طلع القصّاد إلى القلعة واجتمعوا بملك الأمراء، وقرأوا مطالعة الخندكار بحضرة ملك الأمراء، وبحضرة سنان باشاه وفايق بك وخير الدين نائب القلعة، فكان من مضمون تلك المطالعة أن الخندكار أرسل يطلب سنان باشاه وفايق [بك]، وأرسل يقول لملك الأمراء خاير بك بأن يتوصّى بالمماليك الجراكسة وأن يصرف لهم جوامكهم على العادة، ولحومهم وعليقهم، وأن ينظر فى أحوال المعاملة ويزيل (٢) عنها الغشّ من الذهب والفضة، ويحفظ الثغور.

فلما تحقّق سنان باشاه وفايق [بك] أن الخندكار أرسل يطلبهما اضطربت أحوالهما وهمّوا بقتل ملك الأمراء خاير بك، وعلموا أن هذا كلّه منه مما يرسل للخندكار يشكو له منهم، فاختفى ملك الأمراء بالحريم ثلاثة أيام لم يظهر لأحد من الناس حتى أشيع بأنه قد هرب من القلعة، فاضطربت أحوال القاهرة ووزّعوا الناس أمتعتهم بالحواصل، ولهج الناس بوقوع فتنة عظيمة تخرب فيها القاهرة وتنهب عن آخرها من طائفة الأصبهانية والكمولية، فأقامت الناس على وجل


(١) من زاده: مزداده.
(٢) ويزيل: ويزل.