للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأن يتصرّف على عمارته ثلاثين ألف دينار، وقيل أكثر من ذلك، فلم يكتف (١) السلطان بهذه الأخبار وتوجّه إلى هناك بنفسه ليكشف عن أمر هذا الجسر. وكان صحبته من الأمراء المقدّمين وهم: الأتابكى سودون العجمى والأمير أركماس أمير مجلس والأمير سودون الدوادارى رأس نوبة النوب والأمير أنصباى حاجب الحجاب والأمير طومان باى الدوادار والأمير تمر الزردكاش أحد المقدمين، وبعض أمراء عشرات ونحو خمسين خاصكيا وبعض جماعة من المباشرين. فأقام فى المقياس يوم الجمعة وصلى هناك صلاة الجمعة ثم عدّى إلى الجيزة ونصب له وطاق عند الأهرام، فقام ذلك اليوم هناك ثم توجّه إلى الفيوم من تحت الجبل.

ومن الوقائع الغريبة أن السلطان لما غضب على علم الدين الجلبى بسبب ما تقدّم فاستمرّ علم الدين ممنوعا من طلوعه للقلعة، فقال السلطان لمحمد المهتار: ابصر لنا جلبى يحلق رأسى، فأعرض عليه عدّة جلبية فما أعجبه منهم أحد، فقال له محمد المهتار: عندنا صبى صغير أمرد يسمى عبد الرازق أصله من باب الوزير وهو يتيم وكان يحلق لجماعة من الخدام وهو يحلق مليح، فقال السلطان: احضره حتى يحلق لى، فلما حلق له أعجبه حلاقته فاستقرّ به جلبى السلطان عوضا عن علم الدين، فسافر هذا الصبى صحبة السلطان إلى الفيوم وأنعم عليه بكسوة حفلة يلبسها وأخرج له إكديشا وبغلة وصار جلبى السلطان فى ساعة واحدة، وإذا أعطى (٢) لا منع والله عند القلوب المنكسرة جابر، فعدّ ذلك من النوادر، والعبد بسعده لا بأبيه ولا بجدّه، وقيل فى الأمثال: فى الناس من تسعده الأقدار وفعله جميعه إدبار.

وفى يوم الاثنين ثالث عشره خرج عبد الرزاق أخو على دولات وأولاد على دولات الذين (٣) كانوا حضروا إلى مصر، فلما أرسل إليهم السلطان ثمانية آلاف دينار عملوا بها يرقهم وخرجوا وسافروا فى ذلك اليوم وقصدوا التوجه إلى حلب.

وفى يوم الخميس سادس عشره جلس نائب القلعة ومقدم المماليك عند باب القلّة ونفقوا الجامكية على العسكر فى غيبة السلطان على جارى العادة.


(١) فلم يكتف: فلم يكتفى.
(٢) أعطى: أعطا.
(٣) الذين: الذى.