للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موته وإلى الآن لم يثبت عنه خبر صحيح فى كيفية موته والأقوال فى ذلك كثيرة، وكان هذا العجمى مشعوثا مضحكا يلعب بالصحون النحاس على جريدة فى الحلق، فلما قرّبه السلطان وأحسن إليه صار من جملة أعيان المملكة ويركب وقدّامه الساعى ويشقّ من القاهرة وتعظمه الأمراء وتقوم إليه إذا دخل عليها، وكذلك أرباب الدولة من المباشرين وغيرها، وقيل إنه لما دخل إلى الشام كان فى موكب حافل وزيّنت له مدينة دمشق لما شقّ فيها بالأفيال الذى أرسلهما السلطان، ويقال إن نائب الشام أنعم عليه بنحو ألف دينار وكذلك نائب حلب، وكسب من السلطان أموالا جزيلة وسلاريات صمور ووشق وغير ذلك أشياء كثيرة، ومن الأمراء وأعيان الناس، وكان الناس يسألونه فى قضاء حوائجهم عند السلطان، ورأى من العزّ والعظمة بالديار المصرية ما لا رآه أحد قبله من المقرّبين عند الملوك، وكانت رياسة هذا العجمى من غلطات الزمان كما قيل: ما طاب فرع أصله خبيث ولا زكى من مجده حديث، ولم يصحّ موته. - وفى يوم الأربعاء سادس عشرينه حضر مبشر الحاج وقد أبطأ عن ميعاده أياما، وسبب ذلك أن العربان خرجوا عليه وعرّوه وأخذوا جميع ما معه حتى الراحلة التى تحته وجميع كتب الحجاج، فلم يصل لأحد من الناس من حجاجه كتاب فى هذه السنة، وقيل إن المبشّر مشى على أقدامه يومين وهو لابس بشت، فلما سمع السلطان ذلك تنكّد والناس قاطبة لهذه الأخبار المهولة، فلما حضر المبشّر أشيع بين الناس وفاة القاضى زين الدين النابلسى أخى الشرفى يونس النابلسى الذى كان أستادار، وكان القاضى زين الدين مجاورا بمكة فمات هناك. - وفى هذا الشهر أشيع سفر السلطان إلى جهة الفيوم ليكشف عن الجسر الذى انهدم من الماء وشرّق غالب بلاد الفيوم، فلما تسامعت المماليك الجلبان بسفر السلطان إلى الفيوم تنكّدوا لذلك وقالوا:

كيف يسافر السلطان فى قوّة الشتاء وخيولنا فى الربيع، فشقّ عليهم ذلك وربما أشاعوا وقوع فتنة كبيرة. - وفى يوم الخميس سابع عشرينه حضر إلى الأبواب