للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحنابلة عوضا عن عز الدين الشيشينى بحكم انفصاله عن القضاء، فأخلع السلطان على الأربعة قضاة فى ساعة واحدة حتى عدّ ذلك من النوادر الغريبة، فلما نزلوا من القلعة تلقّاهم جماعة النوّاب من الأربعة مذاهب فكانوا نحوا من ثلاثمائة نائب، فرجّت لهم القاهرة. - وفى القاضى علاى الدين الإخميمى يقول الناصرى محمد بن قانصوه من صادق:

قاضى القضاة علاى الدين أنت لها … كفؤ لتنفيذ أحكام بأحكام

خليفة الشافعى فى الحكم صرت فدم … جبرا إذا لاح كسر الدين كلاّم (١)

يعنى كالمرهم فى ذلك اليوم، وكان يوما مشهودا، فشقّوا من القاهرة فى موكب حافل، وكان قدامهم العلاى ناظر الخاصّ وجماعة من أعيان الناس، فاستمرّوا فى هذا الموكب حتى نزلوا بالمدرسة الصالحية النجمية كما جرت به العادة، فاصطفّت لهم الناس على الدكاكين بسبب الفرجة، ولاقتهم الرسل مشاة يقولون: الدعا لمولانا السلطان بالنصر أدام الله أيامه، ولم يقع قط فيما تقدم من الدول الماضية أن السلطان ولّى القضاة الأربعة فى يوم واحد، فعدّ ذلك من النوادر الغريبة التى لم يسمع بمثلها قط، وقد وقع فى أيام الظاهر خشقدم أنه ولّى قاضى القضاة صلاح الدين المكينى عوضا عن قاضى القضاة شرف الدين يحيى المناوى وولّى قاضى القضاة برهان الدين الدميرى عوضا عن قاضى القضاة محب الدين بن الشحنة الحنفى فنزلوا من القلعة وعليهما التشاريف فى يوم واحد، فعدّوا ذلك من النوادر الغريبة فلا سيما بولاية هؤلاء الأربعة فى يوم واحد، وأعجب من هذا أن السلطان لم يأخذ من هؤلاء القضاة الذين تولّوا ولا الدرهم الفرد، وقد فاته فى ولاية هؤلاء القضاة الأربعة نحو اثنى عشر ألف دينار، فعدّ ذلك من النوادر الغريبة ولا سيما من الأشرف الغورى، فكانت ولايتهم على وجه العز والإقبال من غير سعى ولا كلفة بخلاف ما وقع لغيرهم من القضاة فيما تقدم، فعدّ لهم ذلك من


(١) انظر هذين البيتين مرة أخرى فيما يلى صفحة ٣٥٣.