للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى هذا الشهر قبض السلطان على أقباى كاشف الشرقية ووكّل به بالقلعة وتغيّر خاطره عليه، فنادى فى القاهرة كل من كان له ظلامة عند أقباى كاشف الشرقية فعليه بالأبواب الشريفة، وكان أقباى أفحش فى الشرقية غاية الإفحاش، حتى ضجّ منه جميع المقطعين وكثرت فيه الشكاوى من العسكر، ثم رسم السلطان بنزوله إلى بيت نقيب الجيش حتى يرضى العسكر فيما أخذه من البلاد غير العادة، فلم يفد من ذلك وأرضى السلطان بمال وراح على المقطعين ما أخذه من بلادهم عن سنة ثمان عشرة الخراجيّة معجلا، وفعل أشياء بالشرقية لم يفعلها (١) غيره من الكشّاف. - وفى يوم الاثنين خامس عشره أخلع السلطان على قانصوه العادلى وقرّره كاشف الشرقية عوضا عن أقباى بحكم انفصاله عنها، وأخلع على جان بلاط الأشرفى كاشف الغربية وأقرّه على حاله بالغربية، وكان أشيع عزله. - وفى يوم الثلاثاء سادس عشره رسم السلطان بالإفراج عن شرف الدين يونس النابلسى الذى كان أستادارا وعزل عنها، وقد قاسى شدائد ومحنا، وأقام نحوا من ثلاث سنين وهو فى الترسيم بالجامع الصغير الذى هو داخل الحوش السلطانى، وربما كان فى الحديد فى هذه المدّة، وضرب بين يدى السلطان غير ما مرّة، وصودر وقرّر عليه مال له صورة يرد منه على الجوامك فى كلّ شهر خمسمائة دينار. - وفيه كانت كاينة الخواجا شمس الدين الحليبى مع السلطان، وسبب ذلك أن السلطان كان صادره مرارا عديدة وأخذ منه جملة مال، فأرسل الحليبى إلى مكّة كتابا بخطّ يده إلى شخص من أصحابه بمكة وذكر فيه ما فعله به السلطان، وأرسل يقول له: ادعوا على السلطان فى تلك الأماكن الشريفة فإنه ما هو مسلم ولا فى قلبه رحمة قليل الدين، فظفر بعض أعداء الحليبى بهذا الكتاب فأوصله إلى السلطان، فلما قرأه أحضر الحليبى وأطلعه على ذلك الكتاب فأنكر الحليبى ذلك وقال: هذا ما هو بخطى، فشهدوا عليه جماعة أن هذا خطه، فرسم السلطان عليه وشكّه فى الحديد؛ وقصد عليه أن يثبت عليه كفرا كون


(١) لم يفعلها: فلم يفعلها.