للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى ذلك اليوم، وكان يوما مشهودا، وأقام هناك إلى بعد العصر، فلما رجع من طرا رجع من البحر فأحضروا له الحراقة التى يكسر فيها السدّ فنزل بها، ونزل الأمراء والعسكر فى عدّة مراكب، واستمرّ حادرا فى البحر حتى طلع من رأس الجزيرة الوسطى من تحت قصر ابن العينى، ثم طلع من هناك إلى القلعة وشقّ من سوق جامع ابن طولون، وكان يوما بالسلطانى. - وفى يوم الجمعة خامس عشرينه كانت وفاة الأتابكى دولات باى من أركماس المعروف بالساقى، وكان أصله من مماليك الأشرف قايتباى، وقد ساعدته الأيام حتى ولى عدة وظائف سنية منها نيابة حلب ونيابة الشام ونيابة طرابلس، ثم حضر إلى مصر وولى أمرة السلاح فى دولة الأشرف قانصوه الغورى وأقام بها مدّة طويلة، ثم بقى أتابيك العساكر بالديار المصرية بعد وفاة الأتابكى قرقماس من ولىّ الدين، فأقام فى الأتابكية خمسة عشرة يوما ومات، فإنه ولى يوم الخميس عاشر صفر ومات ليلة الجمعة خامس عشرينه، فكانت مدّته فى الأتابكية خمسة عشر يوما لا غير، وقد قلت فى معنى ذلك:

إنّ دولات باى لما أن رقا … أمرة الكبراء ولّى مسرعا

جاء للمنصب يحكى زائرا … ثمّ ما سلّم حتى ودّعا

وكانت جنازته حافلة ونزل السلطان وصلى عليه، ثم توجّهوا به إلى تربة العادل طومان باى فدفن بها فإنه كان قرابته، وكان الأتابكى دولات باى أميرا جليلا جميل الصورة مليح الهيئة طويل القامة أبيض اللون مستدير اللحية أسود الشعر شابّا فى عنفوان شبابه، مات وله من العمر نحو من أربعين سنة، فكثر عليه الأسف والحزن من الناس فإنه كان ليّن الجانب قليل الأذى لا ينسب إليه خير ولا شرّ، وكان مشغولا بملاذّ نفسه، وكان مدّة توعّكه خمسة أيّام حتى أشيع بين الناس أنه [مات] مشغولا، وكان موته فجأة، وخلف من الأولاد صبيّين، قيل وبنات أيضا، وظهر له من الموجود أشياء كثيرة ما بين مال وقماش وبرك وغير ذلك مما لا ينحصر، فكان بينه وبين موت الأمير طراباى دون الشهرين، وقد توفى