للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على باب جامع الأقصى؛ وعوّض نائب القدس عن ذلك شيئا يعادله، فكثر الدعاء له بالنصر، ولكن كما قال القائل: «ويا حين أعمار الجياد قصار».

فلما كان يوم الخميس رابع ذى القعدة، دخل الظاهر ططر إلى القاهرة فى موكب حافل، وكان له يوم مشهود، ودخل الخليفة قدّامه، والقضاة الأربعة، وحملت على رأسه القبة والطير، [وسارت قدّامه الجنايب بالأرقاب الزركش، ولعبوا قدّامه بالغواشى الذهب، وعمل الأوزان والشبابة السلطانية، وصفّفت الشاويشية قدّامه، وانطلقت له النساء بالزغاريد] (١)، وفعل له كما فعل للملوك الذين (٢) تقدّمت من الزفاف، وزيّنت له القاهرة وسار بهذا الموكب حتى طلع إلى القلعة، والملك المظفر أحمد صحبته فى محفّة، فأنزله فى بعض دور القلعة.

وكان الظاهر ططر متمرّضا فى ذاته، وظهر عليه الضعف، فلما أقام بالقلعة أياما، عرض مماليك المؤيّد، ورسم لجماعة منهم أن ينزلوا من الطباق ويسكنوا المدينة؛ ثم إن الظاهر ططر ثقل فى المرض، ولزم الفراش، وامتنع من حضور الموكب، وتزايدت الأقوال بأنه مسموم، وأن زوجته خوند سعادات، قد سمّته فى منديل الفراش عمّا (٣) يقال.

وفيه كانت وفاة القاضى جلال الدين عبد الرحمن بن شيخ الإسلام سراج الدين عمر بن رسلان البلقينى الكنانى الشافعى، رحمة الله عليه، وكان مولده سنة ثلاث وستين وسبعمائة، وكان من أعيان علماء الشافعية، انتهت إليه رياسة مذهبه بمصر، وكان واسع العلم، عارفا بالفقه وأصول الحديث والتفسير، وغير ذلك من العلوم؛ فلما مات ذكر أخاه علم الدين صالح بأن يلى القضاء من بعده، فما تمّ له ذلك، ثم ذكر ابنه تاج الدين بأن يلى القضاء من بعده، فما تمّ ذلك، فقال العلامة شهاب الدين ابن حجر فى معنى هذه الواقعة مداعبة، وهى قوله:


(١) ما بين القوسين نقلا عن طهران ص ١٤٧ ب.
(٢) الذين: الذى.
(٣) عما: عنما.