للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الأمير شيخ، ولام يشبك على ترجيله، وعقب جكم على ما كان منه.

ودخلوا معه إلى دمشق، يوم السبت تاسعه، والطبول تضرب، وهو فى موكب مهول، فنزل الميدان، وجرى على عادته فى التكبّر والترفّع؛ فتنكّرت القلوب، واختلفت الآراء، فكان جكم أمة وحده، يرى أنّه السلطان، ويريد إظهار ذلك، والأمراء تسوسه برفق، حتى لا يتظاهر بالسلطنة؛ ورأيه التوجّه إلى بلاد الشمال، ورأى بقيّة الأمراء المسير إلى مصر.

فكانوا ينادون يوما بالمسير إلى مصر، وينادون يوما بالمسير إلى حماة، وحلب، وينادون يوما: «من أراد النهب والكسب، فعليه بالتوجّه إلى صفد»؛ ثم قوى عزمهم جميعا على قصد مصر، وبعثوا لرمى الإقامات بالرملة، وغزّة، وبرزوا بالخيام إلى قبّة يلبغا، فى رابع عشره.

وخرج الأمير شيخ، والأمير يشبك، وقرا يوسف، من دمشق، فى عشرينه، وقد عمل الأمير شيخ فى نيابة الغيبة، سودون الظريف.

ووقف جميع أملاكه على ذريّته، وعلى جهات برّ، منها: مائتا قميص تحمل فى كل سنة إلى مكّة، والمدينة، مربوط على كل قميص عشرة دراهم فضّة، تفرّق فى الفقراء؛ ومنها مبلغ لمن يطوف عنه كل يوم، أسبوعا؛ ومنها عشرة أيتام، فى كل من الحرمين، ومؤدّب يقرئهم القرآن؛ ومنها قرّاء بجامع دمشق.

وندبوا الأمير يشبك، وقرا يوسف إلى صفد، فسارا (١) من الخربة فى عسكر، ومضى الأمير شيخ إلى قلعة الصبيبة، فاستعدّ الأمير بكتمر شلق، نائب صفد، وأخرج كشّافته بين يديه، ونزل بجسر يعقوب، فالتقى أصحابه بكشّافة يشبك، وقرا يوسف، [واقتتلوا، فكثرت الجراحات بينهما، وغنم الصفديون منهم عشرة أفراس، فرجع يشبك، وقرّا يوسف،] (٢) إلى طبرية، ونزلا على البحيرة، ليلة الخامس والعشرين، حتى عاد الأمير شيخ من الصبيبة، وقد حصّن قلعتها، ثم ساروا جميعا


(١) فسارا: فسار.
(٢) ما بين قوسين سقط فى الأصل، ونقلناه عن السلوك ج ٣ ص ١١٦٠.