للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

علل الشرع إذا دل الدليل على صحته، وقد دل الدليل على ما ذكرنا من الوجه الذي بينا، وهو أن العصير حرم قليله وكثيره بوجود الشدة، فإذا زالت حل قليله وكثيره، ونظير هذا: الرخص أبيحت في السفر للمشقة، والمشقة لا توجد في كل جزء منه (١).

فإن قيل: [أليس] (٢) إذا كان هذا علة في الكثير [فيجب] (٣) أن يكون علة في القليل والكثير؟ ألا ترى أن السقمونيا (٤) حرم كثيره؛ لوجود ما فيه من الضرر، ولم يحرم يسيره الذي لا ضرر فيه (٥).

قيل: وجود الضرر في [كثير] (٦) السقمونيا يوجب تحريم كثيره، ولا يوجب تحريم يسيره، وليس كذلك ههنا، فإن وجود الشدة المطربة يوجب تحريم يسيره وكثيره، وزوال ذلك يوجب زوال تحريم كثيره ويسيره (٧).

وفرق آخر، وهو: أن يسير الخمر يدعو إلى كثيرها، فجعل المحرم لكثيرها محرما ليسيرها، وليس كذلك يسير السقمونيا، فإنه لا يدعو إلى كثرة المضرة المضر به به، فلم يجعل المحرم لكثيره محرمًا ليسيره (٨).

فإن قيل: فما تنكر أن يكون تحريم الخمر تابعا لاسم الخمر؛ لأنه إذا كان عصيرا حلوا لا يسمى خمرا، فإذا حدثت الشدة المطربة يكون خمرا، فإذا زالت الشدة المطربة لا يسمى خمرا، فيزول التحريم ويكون التحريم تابعا لاسم الخمر دون العلة (٩).


(١) ينظر: شرح منتهى الإرادات (١/ ١٠٧)، الشرح الكبير (٢/ ٢٩١)، الحاوي (٣/ ٣٦٠).
(٢) في الأصل (ليس)، والصواب ما أثبت ليستقيم الكلام.
(٣) في الأصل (يجب)، والصواب اقترانها بالفاء كما أثبته؛ لوقوعها جوابا لإذا الشرطية.
(٤) السقمونيا: هو نبات يستخرج من داخله مادة رطبة تستخدم كمسهل للبطن، ومزيل لدوده.
ينظر: مفاتيح العلوم (ص ١٩٥)، التعريفات للجرجاني (ص ١٠٥)، القاموس المحيط، المعجم الوسيط (١/ ٤٣٧).
(٥) ينظر البناية (١٢/ ٣٧٠)، رد المحتار (٤/ ٤٢).
(٦) في الأصل (كثر)، وما أثبته هو الصحيح.
(٧) ينظر: شرح منتهى الإرادات (٣/ ٤٠٧)، الحاوي (١٣/ ٣٩٩).
(٨) ينظر: شرح منتهى الإرادات (٣/ ٤٠٧)، كشاف القناع (٦/ ١٨٩)، الحاوي (١٣/ ٣٩٩).
(٩) ينظر: بدائع الصنائع (٥/ ١١٦)، اللباب (٢/ ٧٥٧)، البحر الرائق (٨/ ٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>