للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضًا فإن عندهم أن نقيع التمر والزبيب حرام، وإذا طبخ حل (١)، فنقول: ما حرم إذا كان نيئا كان مطبوخا (٢).

يدل على ذلك كل محرم مثل الخمر والخنزير والميتة والدم وغير ذلك، وهذا طريق صحيح من جهة النظر؛ لأن الطبخ لا تأثير له في تحليل المحرم في جميع الأصول، وأيضا فإنه شراب فيه شدة مطربة فوجب أن يكون محرما أصله الخمر (٣).

يبين صحة هذا: أن العلة ما ذكرنا من وجود الشدة المطربة أن العصير مباح قبل حدوث الشدة فيه، فإذا حدثت الشدة زال التحريم، فعلم أن العلة هي الشدة المطربة، ولا يلزم عليه الرائب أنه يسكر كثيره ولا يحرم (٤).

قال الشاعر (٥):

فأما تميم تميم بن مر … فألفاهم القوم روبى نياما (٦)

قال أهل اللغة: "روبى" معناه: سكارى من شرب الرائب (٧)، وكذلك القناع يسكر كثيره ولا يحرم؛ لقولنا شراب فيه شدة مطربة، وليس في ذلك شدة مطربة (٨).

فإن قيل: لو كانت العلة الشدة المطربة لم يحرم اليسير؛ لأنه لا شدة فيه (٩).

قيل: الشدة المطربة - أعني: في كثيرها - هي علة لتحريم جنسها، وهذا لا يمتنع في


(١) ينظر: الهداية (٤/ ٣٩٥)، اللباب (٢/ ٧٥٨)، الجوهرة (٢/ ١٧٤).
(٢) أضاف الناسخ هنا جملة: (وهذا طريق صحيح من جهة النظر)، وهذا سبق نظر منه رحمه الله تعالى، ويتضح ذلك من تكرار هذه الجملة فيما يأتي، ثم إنه لا معنى لذكرها هنا.
(٣) ينظر: الإنصاف (١٠/ ٢٢٨)، الأشربة، لابن قتيبة (١/ ١٨٢).
(٤) ينظر: الإنصاف (١٠/ ٢٢٨)، شرح الزركشي (٦/ ٣٨٦)، الأشربة، لابن قتيبة (١/ ١٨٢).
(٥) الشاعر هو: بشر بن أبي خازم الأسدي، ونسب له هذا البيت الجاحظ في البيان والتبيين (١٣/ ١٤)، وابن عبد ربه في أدب الكاتب (٨/ ٧٦)، وهذا البيت مذكور في خزانة الأدب (١/ ٤٢١)، وأدب الكاتب، لابن قتيبة (ص ٨١) لكن بدون نسبة لأحد في كليهما.
(٦) العقد الفريد، (٦/ ٣٤١)، العروض، ص ١٤٧).
(٧) ينظر: معجم العين، (٨/ ٢٨٤)، تهذيب اللغة (١٥/ ١٨١)، مختار الصحاح ص (١٣٠).
(٨) ينظر: الكافي في فقه أحمد (١/ ١٥٨)، الشرح الكبير (١٠/ ٣٣١)، الحاوي (١٥/ ١٧٨).
(٩) ينظر: بدائع الصنائع (٥/ ١١٦)، الاختيار (٤/ ١٠٠)، البحر الرائق (٦/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>