للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فاشربوا في كل وعاء، ولا تشربوا مسكرا" (١) (٢)، وقد حكينا اختلاف الرواية عن أحمد في تحريم الظروف (٣).

واحتج: بما روي أن النبي الآخى بين أبي بكرة (٤) وأبي بردة (٥)، فأتاه أبو بردة يوما، فقال: أين أخي؟ فقلنا: ذهب لحاجته، فدخل المنزل، فدعا بطعام، فأكل منه، ثم دعا بشراب، فأتي بنبيذ في جر أخضر، فدعا بإناء ففرغه فيه، فلما جاء أبو بكرة قلنا له: قد عاب الجر الأخضر فرده فيه، ثم قال: رحم الله أخي شهد وشهدت رسول الله ، ولم يشهد" (٦)، وإنما أراد به: أنهما شهدا التحريم ثم شهد هو الإباحة ولم يشهد (٧).

والجواب عنه: ما تقدم، وهو: أنه شهد الإباحة بالانتباذ في الظروف، ولم يشهد ما هو (٨).

واحتج: بما روي أن أعرابيا شرب من إداوة عمر، فسكر، فجلس حتى صحا ثم جلده عمر، فقال له الأعرابي: أتجلدني، وإنما شربت من إداوتك؟ فقال له: إنما جلدتك على السكر، ولم أجلدك على الشرب (٩).

والجواب: أنا نحمل قوله: "جلدتك على السكر "معناه: على علمك أن هذا شراب يسكر، ويكون حدث فيه الإسكار بتأخره عن وقته وزمانه، ولم يعلم به عمر.

يدل على ذلك: ما روي عن عمر من الطرق الصحيحة بتحريم ذلك، وهو قوله


(١) سبق تخريجه ص ١١١.
(٢) ينظر: البناية (١٢/ ٣٩٠)، البحر الرائق (٨/ ٢٤٩)، تبيين الحقائق (٦/ ٤٨).
(٣) ينظر: المبدع (٧/ ٤٢١)، شرح منتهى الإرادات (٣/ ٣٦٤)، كشاف القناع (٦/ ١٢٠).
(٤) هو أبو بكرة الثقفي الطائفي نفيع بن الحارث مولى النبي (روى له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه) روى عن النبي ، وروى عنه: أولاده عبيد الله، وعبد الرحمن، وعبد العزيز، ومسلم، وكبشة، وأبو عثمان النهدي، وغيرهم. قال العجلي كان من خيار الصحابة. مات سنة (٥٠ هـ).
ينظر: سير أعلام النبلاء (٣/ ٥)، تهذيب التهذيب (١٠/ ٤٦٩).
(٥) سبقت ترجمته ص ٨٧.
(٦) لم أقف علي هذه الرواية.
(٧) ينظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ١٢)، الحاوي الكبير (١٣/ ٣٨٩).
(٨) ينظر: بداية المجتهد (٣/ ٢٥)، الحاوي الكبير (١٣/ ٣٨٩).
(٩) لم أقف علي هذه الرواية.

<<  <  ج: ص:  >  >>