للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: المسكر الذي هو القدح العاشر فحسب بل هو ما تقدمه، ألا ترى أن ذلك القدح لو انفرد لم يحصل به السكر وكان الجميع مسكرا؟ (١).

واحتج: بما روي عن ابن عباس أنه قال: "كان ينبذ لرسول الله الزبيب، ويشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة ثم يأمر به فيسقى الخدم، ويهراق" (٢)، فلو كان حراما لما كان يسقى الخدم؛ لأن ما لا يحل شربه لا يحل سقيه (٣).

والجواب: أنه كان إذا تغير ومضت حلاوته سقي الخدم، وإذا صار مسكرا يهراق أو إذا خاف أن يصير مسكرا يهراق، وإذا احتمل هذا وجب حمله عليه (٤).

واحتج: بما روي عن ابن عمر عن النبي أنه قال: "انظروا هذه الأسقية إذا اغتلمت عليكم فاقطعوا متونها بالماء" (٥)، وهذا يدل على إباحة النبيذ الشديد (٦).

والجواب أن معنى قوله: "إذا اغتلمت": حمضت أو إذا تغيرت، ولم تصر بعد مسكرا وهو في أول تغيره (٧).


(١) وهو مروي عن ابن عباس من قوله.
ينظر: البناية (١٢/ ٣٨٦)، عيون المسائل (١/ ٣٧٦)، مجمع الأنهر (٢/ ٥٦٨)، رد المحتار (٦/ ٤٥٦).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الأشربة، باب إباحة النبيذ الذي لم يشتد ولم يصر مسكرا، برقم (٢٠٠٤)، وأبو داود في سننه (٣/ ٣٣٥) كتاب: الأشربة، باب: في صفة النبيذ، واللفظ له برقم (٣٧١٣)، والطبراني في المعجم الكبير برقم (١٢٦٢٨).
(٣) ينظر: تبيين الحقائق (٦/ ٤٥).
(٤) ينظر: المغني (٩/ ١٧٠)، الشرح الكبير (١٠/ ٣٣٨)، المبدع (٧/ ٤٢٠).
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه بلفظ (الأشربة) بدلا من (الأسقية) (٥/ ٧٨) برقم (٢٣٨٦٧)، وسياق هذا الحديث أنه قال: كنا عند النبي فأتي بقدح فيه شراب، فقربه إلى فيه ثم رده، فقال له بعض جلسائه: أحرام هو يا رسول الله؟ قال: فقال: "ردوه" فردوه، ثم دعا بماء فصبه عليه ثم شرب، فقال: "انظروا هذه الأشربة إذا اغتلمت عليكم، فاقطعوا متونها بالماء"، وأخرجه النسائي في سننه (٨/ ٣٢٣) في كتاب: الأشربة، في ذكر الأخبار التي اعتل بها من أباح شراب السكر برقم (٥٦٩٤)، والدارقطني في سننه (٥/ ٤٧٣) في كتاب الأشربة وغيرها برقم (٤٦٩٤)، قال البيهقي (٨/ ٣٠٥): هذا حديث يعرف بعبد الملك بن نافع هذا وهو رجل مجهول اختلفوا في اسمه واسم أبيه فقيل هكذا وقيل عبد الملك بن القعقاع وقيل ابن أبي القعقاع وقيل مالك بن القعقاع.
(٦) ينظر: الاختيار (٤/ ١٠١)، البناية (١٢/ ٣٨٣)، المبسوط (٨/ ٢٤).
(٧) ينظر: الحاوي (١٣/ ٣٨٩)، الأشربة وذكر اختلاف الناس فيها، لابن قتيبة (١/ ١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>