للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ونهيتكم أن تحبسوا لحوم الأضاحي فوق ثلاث فاحبسوا، ونهيتكم عن الظروف فانتبذوا فيها، واجتبنوا كل مسكر" (١).

وجواب آخر: وهو أنه لو كان الخبر صحيحا فلا حجة فيه؛ لأن قوله "اشربوا في الظروف كلها" يقتضى إباحة الشرب في الظروف التي كان قد نهى عنها ولم يرد به إباحة المسكر (٢).

وقوله: "ولا تسكروا "يعني: ولا تشربوا مسكرا، [وكأن] (٣) علة النهي عن الشرب في هذه الظروف أنه إذا انتبذ فيها أسرع الفساد إليها والاشتداد، فربما يظن أن الشراب لم يشتد ويكون قد اشتد، وفي هذا المعنى نهيه عن شراب الخليطين، وهو الشراب الذي يتخذ من البسر والتمر؛ لأنه يسرع الفساد والاشتداد إلى ذلك أكثر من غيره (٤).

والذي يبين صحة هذا، وأن الإباحة رجعت إلى الظروف ما روى أحمد بإسناده عن علي: "أن النبي نهى عن الدباء (٥) والمزفت (٦) " (٧).

وروى أبو بكر الخلال بإسناده عن أبي هريرة: "أن النبي نهى عن الشراب في الدباء، والحنتم (٨)،


(١) سبق تخريجه ص ١١١.
(٢) ينظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (٢/ ٣٣٩)، الأشربة وذكر اختلاف الناس فيها لابن قتيبة (١/ ٢٣٠).
(٣) في الأصل (وكان)، والأقوم للمعنى ما أثبت.
(٤) ينظر: المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (٢/ ٣٣٩)، الأشربة وذكر اختلاف الناس فيها لابن قتيبة (١/ ٢٢٣)، المغني (٩/ ١٧٢)، الشرح الكبير (١٠/ ٣٤١)، الحاوي (١٣/ ٤٠٤).
(٥) الدباء: مفردها دباءة، وهى القرع وكانوا ينتبذون فيها فتسرع الشدة في الشراب.
ينظر: الفائق في غريب الحديث والأثر (٣/ ١٣٠)، النهاية في غريب الأثر (٢/ ٢٠٣).
(٦) المزفت: الإناء المطلى بالزفت وهي أوعيه تسرع بالشدة في الشراب.
ينظر: الفائق في غريب الحديث والأثر (١/ ٤٠٧)، النهاية في غريب الأثر (٢/ ٧٥١)، المغرب في ترتيب المعرب (١/ ٣٦٥).
(٧) أخرجه البخاري في كتاب الأشربة، باب ترخيص النبي في الأوعية والظروف بعد النهي رقم (٥٥٩٤)، ومسلم في كتاب الأشربة، باب النهي عن الانتباذ في المزفت، رقم (١٩٩٤).
(٨) الحنتم: جرار مدهونة خضر كانت تحمل الخمر فيها إلى المدينة، ثم اتسع فيها فقيل للخزف كله حنتم واحدتها حنتمة. وإنما نهي عن الانتباذ فيها لأنها تسرع الشدة فيها لأجل دهنها، وقيل لأنها كانت تعمل من طين يعجن بالدم والشعر فنهي عنها ليمتنع من عملها. والأول أوجه.
ينظر: الفائق في غريب الحديث والأثر (١/ ٤٠٧)، النهاية في غريب الأثر (١/ ١٠٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>