للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَيَقُولُ الْآخَرُ:

أَبْلِغْ أَبَا مَالِكٍ عَنِّي مُغَلْغَلَةً ... وَفِي الْعِتَابِ حَيَاةٌ بَيْنَ أَقْوَامِ

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: «أُبَلِّغُكُمْ» مُشَدَّدَةً مِنْ بَلَّغْتُ أُبَلِّغُ مِثْلَ: كَلَّمْتُ أُكَلِّمُ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ}.

وَبِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً».

وَقَالَ قَوْمٌ: بَلَّغْتَ وَأَبْلَغْتَ بِمَعْنًى، وَالِاخْتِيَارُ عِنْدِي: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ}. إِنَّمَا شَدَّدَ لِلتَّكْرِيرِ، أَيْ: مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ أُخْرَى، فَإِذَا كَانَ الْإِبْلَاغُ رِسَالَةً وَاحِدَةً، قُلْتَ: أَبْلِغْ فُلَانًا عَنِّي، قَالَ الشَّاعِرُ:

بَلِّغْ بَنِي حُمُرَانَ أَنِّي ... عَنْ عَدَاوَتِكُمْ غَنِيٌّ

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ}.

اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الِاسْتِفْهَامَيْنِ، فَكَانَ نَافِعٌ وَالْكِسَائِيُّ يُخْبِرَانِ بِالْأَوَّلِ عَنِ الثَّانِي فَلَا يَسْتِفْهِمَانِ بِهِمَا مَعًا.

وَحُجَّتُهُمَا قَوْلُهُ: {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ}. وَلَمْ يَقُلْ أَفَهُمُ؟ وَقَوْلُهُ: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ}. عَلَى أَنَّ الْكِسَائِيَّ خَالَفَ نَافِعًا فِي النَّمْلِ فَقَرَأَ «إِنَّنَا لَمُخْرَجُونَ» بِنُونَيْنِ فَاسْتَفْهَمَ فِي قِصَّةِ لُوطٍ‍ بِهِمَا وَاسْتَفْهَمَ نَافِعٌ فِي الْعَنْكَبُوتِ بِالثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ ابْنَ عَامِرٍ شَبَّهَ جَمْعَ الِاسْتَفْهَامَيْنِ بِالِاسْتِفْهَامِ وَجَوَابِهِ، كَقَوْلِكَ: أَقَامَ زَيْدٌ أَمْ عَمْرٌو، وَالْعَرَبُ تَخْزِلُ أَلِفَ الِاسْتِفْهَامِ وَتُبْقِي «أَمْ» كَثِيرًا، قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

تَرُوحُ مِنَ الْحَيِّ أَمْ تَبْتَكِرْ ... وَمَاذَا يَضُرُّكَ لَوْ تَنْتَظِرْ

وَقَالَ الْأَخْطَلُ:

كَذَبَتْكَ عَيْنُكَ أَمْ رَأَيْتَ بِوَاسِطٍ‍ ... مَلَثَ الظَّلَامِ مِنَ الرَّبَابِ خَيَالَا

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْجَمْعِ عَلَى الِاسْتَفْهَامَيْنِ على أصل الكلمة.

قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحْدَهُ «وَقَالَ بِزِيَادَةِ وَاوٍ، وَكَذَلِكَ هِيَ فِي مَصَاحِفِهِمْ وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِغَيْرِ وَاوٍ.

«وَالْمَلَأُ» بِالْهَمْزِ: الْأَشْرَافُ وَالرُّؤَسَاءُ، قَالَتِ امْرَأَةٌ يَوْمَ بَدْرٍ: إِنَّمَا قَتَلْتُمْ عَجَائِزَ صُلْعًا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أُولَئِكَ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ لَوْ حَضَرْتِ فِعَالَهُمْ لَحَقَّرْتِ فِعَالَكِ مِعَ فِعَالِهِمْ»، وَجَمْعُ الْمَلَأِ: أَمْلَاءُ، وَالْمَلَا بِلَا هَمْزٍ الْمُتَّسِعُ مِنَ الْأَرْضِ وَالصَّحَرَاءِ مِنْ ذَلِكَ: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا

<<  <   >  >>