للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبعد أن تكون الشفاعة العظمى التي سبق تفصيلها، وبعد أن يفض الموقف، وبعد أن يدخل الجنة السابقون الأولون ومن معهم (سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب) ،فيحد الله تبارك وتعالى له حداً من أهل النار ويكون ذلك ثلاث مرات وأيضاً تكون الرابعة كما سبق في حديث أنس يقول المصنف: [فيحد له حداً فيدخلهم الجنة] أما هو فقد قال له: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف:١٨٨] فخصه الله تبارك وتعالى بأنه نذير وبشير، وليس له أبعد من ذلك فيتصرف في أُمور الناس وقلوبهم فيدخل هذا الإيمان ويمنع هذا منه، ليس ذلك من شأنه صلى الله عليه وسلم ولا قدرة له عليه لعجزه عن نفع نفسه أو حمايتها، ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب لا ستكثر من الخير؛ لأن الذي يعلم الغيب يعلم ما تؤول إليه عواقب الأمور.

فهل الذي يعلم الغيب يخرج يوم أحد إلى المشركين ويصيبه ما أصابه، ويقتل عمه وتكون تلك الكارثة، وهل يرسل سبعين من القراء من خيار أصحابه وأفضلهم لتقتلهم تلك القبيلة المجرمة؟!

وأحداث كثيرة تتلاحق في السيرة تدل على أنه لا يعلم الغيب، وإنما هو بشر تجري عليه الأقدار كما تجري على أي مخلوق وميزته أنه بشير ونذير، كما يقول الله له قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ [الكهف:١١٠] .

النبي صلى الله عليه وسلم بين غلو الصوفية وإجلال أهل السنة

في معرض الحديث عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإننا نجد أن له صفتين مختلفتين تماماً.

الأولى: هي صفة الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الكتاب وفي السنة.

<<  <   >  >>