وإذا دعاه الداعي، وشفع عنده الشفيع، فسمع الدعاء وقبل الشفاعة، لم يكن هذا هو المؤثر فيه كما يؤثر المخلوق في المخلوق، فإنه سبحانه وتعالى هو الذي جعل هذا يدعو ويشفع، وهو الخالق لأفعال العباد، فهو الذي وفق العبد للتوبة ثم قبلها وهو الذي وفقه للعمل ثم أثابه، وهو الذي وفقه للدعاء ثم أجابه، وهذا مستقيم على أصول أهل السنة المؤمنين بالقدر وأن الله خالق كل شيء] اهـ.
الشرح:
يقول المصنف رحمه الله:[الحاصل أن الشفاعة عند الله ليست كالشفاعة عند البشر، فإن الشفيع عند البشر كما أنه شافع للطالب شفعه في الطلب بمعنى: أنه صار به شفعاً فيه بعد أن كان وتراً] .
يريد المصنف رحمه الله تعالى أن يبين الفرق بين الشفاعة الشركية التي ظنها المشركون وبين الشفاعة الحقيقية وذلك أن الله تبارك وتعالى ليس كأحد من خلقه، وأن ما يفعله الناس من الشفاعات عند أهل الملك أو المال أو الشأن في الدنيا، ليست كالشفاعة لديه، لأن الرجل إذا أراد حاجةً من الخلق وكانت علاقة هذا المحتاج بالرجل المقصود ضعيفة، فإنه لعدم معرفته أو ضعف علاقته به لا يستطيع أن يرفع حاجته بنفسه ولا يتصل به، فيحتاج إلى رجل معُروف عند ذلك الإنسان ليتوسط له، فيضم صوته مع صوته، وطلبه مع طلبه، حتى تُقضى حاجته، ولهذا سميت الشفاعة بهذا الاسم -على أحد الأقوال- لأنها من الشفع وهو: الضم كما في اللغة.