قَالَ المُصْنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ:[لكن لا يشفع أحد حتى يأذن الله له ويحد له حداً] وهذا الشرط ليس زيادة عَلَى الشرطين السابقين، وهو: أن يحد له حداً، لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يملك من الأمر شيئاً، فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يحد له حداً ليشفع في العصاة فيخرجهم من النار، ولا يستطيع أن يتجاوز ذلك الحد [كما بين ذلك في حديث الشَّفَاعَة (إنهم يأتون آدَمَ، ثُمَّ نُوحاً ثُمَّ إبراهيمَ، ثُمَّ مُوسَى، ثُمَّ عِيسَى، فيقول لهم عِيسَى عليه السَّلامُ: اذهبوا إِلَى مُحَمَّدٍ، فإنَّهُ عَبْدٌ غُفر له مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ومَا تَأَخَرَ، فَيأتُونِي، فَأَذهَبُ، فَإذَا رَأَيْتُ رَبِّي خَرَرْتُ لهُ سَاجِدَاً، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ يَفْتَحُها عَلَيَّ، لَا أُحْسِنُها الآنَ، فَيَقُولُ: أيْ مُحَمَّدُ، ارفَعْ رَأَسْكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، واشفَعْ تُشْفَّعْ، فأقول: رَبِّي أُمَّتِي، فَيَحُدُّ لي حَدّاً، فَأُدْخِلُهُم الجنَّةَ، ثُمَّ َ أَنْطَلِقُ فَأَسْجُدُ، فَيَحُدُّ لي حَدّاً) ذكرها ثلاث مرات] .
وهذا الحديث مروي في باب قول الله تعالى: لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ [صّ:٧٥] الجزء الثالث عشر من فتح الباري صـ٣٩٢، وقد ذكر الشيخ الأرناؤوط في تحقيقه أن هذه الزيادة لم ترد في صحيح البُخَارِيّ وهي ثابتة في الباب المذكور.
فالبُخَارِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ أورد الحديثين في بابين مختلفين، أورد الرواية السابقة التي ليس فيها لفظة [فَيَحُدُّ لي حَدّاً] في باب "كلام الرب عزوجل مع الأنبياء"، وأما هذه الرواية [فَيَحُدُّ لي حَدّاً] فذكرها في باب قوله تعالى: لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَي [صّ:٧٥] .