للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثبت في الحديث أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (من لم يدع الله يغضب عليه) فالإِنسَان لو كَانَ أباً حنوناً رحيماً ودوداً عطوفاً وكان له ابن مدلل لا يرد له أي طلب -يحبه غاية الحب- ولكن إذا كرر عليه الابن الطلب فالأب يغضب، ويزجر ولده من كثرة ما يطلبه ويلح عليه في الطلب.

فهذا هو حال المخلوق؛ لكن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كلما ندعوه يرضى عنا، وبقدر ما ندعوه يكون الرضى عنا، فأكثرنا عبودية لله عَزَّ وَجَلَّ أكثرنا دعاءً له كما صح في الحديث أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الدعاء هو العبادة) هذه هي حقيقة العبودية.

وأما المعتزلة والخوارج الذين أنكروا الشَّفَاعَة، فقد ذكر المُصنِّفُ أصل شبهتهم والرد عليها مع بيان مذهب أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ

ويعيد المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ هذا المذهب فَيَقُولُ: [وأما أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ فيقرون بشفاعة نبينا صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أهل الكبائر وشفاعة غيره، لكن لا يشفع أحد حتى يأذن الله له ويحد له حداً] .

الشفاعة لا تكون إلا لأهل التوحيد

تقدم أن ذكرنا أن شرطي الشَّفَاعَة هما: رضا الله عن المشفوع له، وإذنه للشافع، فلذلك لا تكون الشَّفَاعَة، إلا لأهل التوحيد؛ لأن الله تَعَالَى يرضى أن يشفع لأهل التوحيد، ولا يرضى أن يشفع لأهل الكفر والشرك، وإذن الله تَعَالَى للشافع بأن يأذن للملائكة أو الأَنْبِيَاء أو الصالحين من المؤمنين أن يشفعوا لمن شاء سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ ولذا قال: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [البقرة:٢٥٥] ، وقَالَ: وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى [الأنبياء:٢٨] فلا يشفعون إلا لمن ارتضى، ولا يشفعون إلا بإذنه.

حد الله لنبيه صلى الله عليه وسلم حداً في الشفاعة لا يتجاوزه

<<  <   >  >>