أما الموضوع الرابع الذي لا دليل عليه ولا شبهة عَلَى الإطلاق، هو قول من يقول: إنه لا داخل العالم، ولا خارجه، ولا فوقه، ولا تحته، ولا عن يمينه ولا عن شماله فهذا القول ليس عليه دليل من الكتاب والسنة، ولا من العقل ولا شبهة في التفكير، وإنما هو قول اختلقه فلاسفة اليونان ثُمَّ تبعهم من تبعهم، وبقي عليه أكثر المعتزلة والأشاعرة وأهل الكلام.
العروج: تَجَاوزَ السماوات السبع، حتى كَانَ بتلك المنزلة العظيمة التي لم يبلغها ولن يبلغها بشر بعده، وبعد ذلك: نزوله إِلَى موسى، ثُمَّ رجوعه إِلَى ربه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ثُمَّ وقوف جبريل عند حد معين، ثُمَّ مجاوزة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له، هذا دليل عَلَى أن القرب من الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بلغ منه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منزلة لم يبلغها أحد، ولو كانت المسألة كما قالوا: لا داخل العالم ولا خارجه فكيف يتصور هذا عقلاً!!
وكذلك إذا كَانَ في كل مكان، كيف يكون هذا أقرب من هذا، أو هذا بلغ درجة أعلى من هذا، واستفتاح جبريل لمن في السماوات، وفي كل مرة يفتح له عَلَى من هو أعلى منها، وهما في الطريق إِلَى سدرة المنتهى، الذي يشعر اسمها: المنتهى بأنه ليس وراءها شيء من هذه المخلوقات، ولم يبق وراءها إلا الحجاب الذي قال عنه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(نور أنى أراه) أو (حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وجل جلاله.
إن من أنكر الإسراء والمعراج، فإنه ينكر شيئاً ثابتاً في القرآن، وهناك قاعدة معروفة صحيحة يجب أن نعرفها جميعاً، وهي أن من أنكر شيئاً ثبت في القُرْآن فإنه كافر، وكذلك في السنة.