والثانية: عند سدرة المنتهى، وهذا من فضل الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عليه، وفيها حكم يضيق المقام عن شرحها، ولكن نذكر منها: كونه يكون عَلَى خلقته التي خلقها الله تعالى، ومع ذلك يتقاصر دون درجة مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هذا أعظم من أنه كَانَ عَلَى خلقة رجل ثُمَّ يكون أقل؛ لكن عَلَى نفس الخلقة التي هي أعظم خلقة له، ومع ذلك فإن رَسُول الله مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبلغ إِلَى درجة أعلى منه عَلَيْهِ السَّلام، فهذا تكريم للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وبعدها رأى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند هذه السدرة الآيات العظيمة العجيبة مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى كونه في الملأ الأعلى هذا، ولهذه المناظر المهيبة العجيبة مدعاة أن يزيغ البصر، أو أن يذل، أو أن يطغى، ويتجاوز الحد، فرأى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تلك الآيات رؤية حقيقية بصرية. وبملاحظة هذا التفسير الموجز السريع للآيات نجد أنها جميعاً في جبريل عَلَيْهِ السَّلام، وليست في الجبار سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى والروايات الصحيحة كرواية قتادة وأنس أيضاً تدل عَلَى ذلك، إذاً قول شريك هذا لا يعتد به.