للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا الوصف ثابت لجبريل عَلَيْهِ السَّلام في صحيح البُخَارِيّ إِلَى قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [قد سد الأفق] كما في كتاب التفسير عند هذه الآية وفي الكتب الأخرى، فاطمأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد ذلك أن هذا رَسُول من عند الله حقاً، وأنه نبي لله حقاً، بعد هذه الهيئة التي نزل عليها، وجاء بها جبرائيل عَلَيْهِ السَّلام، وهذه هي المرة الأولى بالنسبة لرؤية الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لجبريل عَلَيْهِ السَّلام عَلَى صورته الحقيقية.

وهناك لطيفة في قوله تعالى: مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى [النجم:١١] ذكرها الطّّحاويّ وسبق أن ذكرنا أنّ الأصل في هذه الآية أن يوضع محلها في الشرح قوله تعالى: مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى [النجم:١٧] لأن قوله تعالى: مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى [النجم:١١] في الرؤية الدنيوية، وهذه الدقيقة اللطيفة يوضحها أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما كَانَ في شعب أجياد، كما في هذه الرواية الصحيحة، ورأى جبريل عَلَيْهِ السَّلام في صورته التي خلقه الله تَعَالَى عليها استيقن فؤاده واطمأن، فالقضية هنا أنسب إِلَى نظر الفؤاد، وليس إِلَى نظر العين، نعم رأته العين لكن قوله: مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى [النجم:١١] فيها تواطئ القلب والعين فحصل بذلك اليقين عَلَى أن هذا وحي من عند الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- هذه هي الوجهة الأولى.

<<  <   >  >>