إنما يرويه كثير بن مرة عن أبي فاطمة، وهو نفسه كثير الأعرج الصدفي، واللّه أعلم.
وعليه: فإن هذا الإسناد إسناد لا بأس به في المتابعات، وتفرد ابن لهيعة به لا يضر، فابن لهيعة مكثر، يعتبر بحديثه، لا سيما عن أهل بلده، وقد رواه عنه ثلاثة ممن كان يتحرى في الأخذ عنه؛ من كتاب وصحة سماع ونحوه، مثل: ابن المبارك وأبي عبد الرحمن المقرئ وقتيبة بن سعيد [انظر: التهذيب (٢/ ٤١٢)].
والحاصل: فإن حديث أبي فاطمة بمجموع طرقه: حديث صحيح ثابت، والله أعلم.
٤ - حديث عبادة بن الصامت:
يرويه الوليد بن مسلم [ثقة ثبت]، عن خالد بن يزيد بن صبيح [المري] [دمشقي، ثقة]، عن يونس بن ميسرة بن حلبس [ثقة، من الثالثة]، عن [أبي عبد الله، الصنابحي، عن عبادة بن الصامت؛ أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: "ما من عبد يسجد لله سجدة إِلَّا كتب الله له بها حسنة، ومحا عنه بها سيئة، ورفع له بها درجة، فاستكثروا من السجود".
أخرجه ابن ماجة (١٤٢٤)، والطبراني في الكبير (٣/ ٥٠٤/ ٥٧٦٨ - جامع المسانيد)، وفي الأوسط (١/ ٢٦٦/ ٨٦٧)، وفي مسند الشاميين (٣/ ٢٦٦/ ٢٢٢٦)، وأبو نعيم في الحلية (٥/ ١٣٥)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (١٦/ ٢٩٠)، والضياء في المختارة (٨/ ٣٢٢/ ٣٨٨ و ٣٨٩)، [المسند المصنف (١٠/ ٤٧٤/ ٥٠٢٢)].
* هكذا رواه عن الوليد بن مسلم: دحيم عبد الرحمن بن إبراهيم، وسعيد بن سليمان الضبي الواسطي، والعباس بن عثمان الدمشقي، وصفوان بن صالح، وهم ثقات، وقد صرح بالسماع من شيخه في رواية صفوان بن صالح عند أبي نعيم.
* تنبيه: وقع في رواية دحيم عند الطَّبراني في مسند الشاميين زيادة في الإسناد وهي وهم محض؛ حيث زيد فيه: عن أبي إدريس، بين ابن حلبس والصنابحي، وهي غلط من النساخ، والله أعلم [راجع: تاريخ دمشق (١٦/ ٢٩٠)، المختارة (٣٨٨)، جامع المسانيد (٥٧٦٨)].
* ورواه هشام بن خالد [ثقة]: ثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك [دمشقي، ضعيف]، عن يونس بن ميسرة بن حلبس، عن الصنابحي، عن عبادة بن الصامت، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما من عبد يسجد لله سجدة إِلَّا كتب الله له بها حسنة، وحط عنه بها خطيئة".
أخرجه الطَّبراني في الكبير (٨/ ٣٢١/ ٣٨٧ - المختارة)، ومن طريقه: الضياء في المختارة (٨/ ٣٢١/ ٣٨٧).
قال الطَّبراني في الأوسط: "لا يُروى هذا الحديث عن عبادة إِلَّا بهذا الإسناد، تفرد به خالد"؛ يعني: المري.
قلت: العجب أن الطَّبراني نفسه قد رواه بإسناد صحيح إلى خالد بن يزيد بن أبي مالك؛ يعني: أنه لم يتفرد به خالد بن يزيد بن صالح بن صبيح المر؛ بل تابعه ابن أبى مالك، واللّه أعلم.