للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقالت فرقة رابعة: سجود السهو على ما جاءت به الأخبار إذا نهض من ثنتين سجدهما قبل التسليم ولا تشهد فيها على حديث ابن بحينة، وإذا شك فرجع إلى اليقين سجدهما قبل التسليم على حديث أبي سعيد الخدري، وإذا سلم من ثنتين أو من ثلاث سجدهما بعد التسليم على حديث أبي هريرة، وعمران بن حصين، وإذا شك فكان ممن يرجع إلى التحري سجدهما بعد التسليم على حديث ابن مسعود، وكل سهو يدخل عليه يسجدهما قبل التسليم، سوى ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مما ذكرناه، هذا قول أحمد بن حنبل، وهكذا مذهب أبي أيوب سليمان بن داود، وزهير أبي خيثمة.

وأصح هذه المذاهب: مذهب أحمد بن حنبل؛ لأنه قال بالأخبار كلها في مواضعها، وقد كان اللازم لمن مذهبه استعمال الأخبار كلها إذا وجد إلى استعمالها سبيلًا أن يقول بمثل ما قال أحمد".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أظهر الأقوال: الفرق بين الزيادة والنقص، وبين الشك مع التحري والشك مع البناء على اليقين، وهذا إحدى الروايات عن أحمد، وقول مالك قريب منه، وليس مثله، فإن هذا مع ما فيه من استعمال النصوص كلها؛ فيه الفرق المعقول، وذلك أنه إذا كان في نقص كترك التشهد الأول؛ احتاجت الصلاة إلى جبر، وجابرها يكون قبل السلام، لتتم به الصلاة، فإن السلام هو تحليل من الصلاة، وإذا كان من زيادة كركعة، لم يجمع في الصلاة بين زيادتين، بل يكون السجود بعد السلام؛ لأنه إرغام للشيطان، بمنزلة صلاة مستقلة جبر بها نقص صلاته، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل السجدتين كركعة، وكذلك إذا شك وتحرى فإنه أتم صلاته، وإنما السجدتان لترغيم الشيطان، فيكون بعد السلام، ... ، وكذلك إذا سلم وقد بقي عليه بعض صلاته ثم أكملها فقد أتمها، والسلام منها زيادة، والسجود في ذلك بعد السلام؛ لأنه إرغام للشيطان، وأما إذا شك ولم يتبين له الراجح، فهنا إما أن يكون صلى أربعًا أو خمسًا، فإن كان صلى خمسًا فالسجدتان يشفعان له صلاته ليكون كأنه قد صلى ستًا لا خمسًا، وهذا إنما يكون قبل السلام، ... ، فهذا القول الذي نصرناه هو الذي يستعمل فيه جميع الأحاديث، لا يترك منها حديث، مع استعمال القياس الصحيح فيما لم يرد فيه نص، وإلحاق ما ليس بمنصوص بما يشبهه من المنصوص" [مجموع الفتاوى (٢٣/ ٢٤)].

° مسألة: إذا سها المأموم خلف إمامه، ولم يسْهُ الإمام، فهل عليه سجود أم لا؟

روي في ذلك حديث باطل، لا أصل له:

يرويه خارجة بن مصعب، عن أبي الحسين المديني، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس على من خلف الإمام سهو؛ فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه السهو، وإن سها من خلف الإمام فليس عليه سهو، والإمام كافيه".

أخرجه الدارقطني (١/ ٣٧٧)، وعلقه البيهقي (٢/ ٣٥٢).

قال البيهقي: "وأبو الحسين هذا مجهول".

<<  <  ج: ص:  >  >>