قال الدارقطني:"غريب من حديث عاصم الأحول عن عبد الله بن بريدة، تفرد به: يحيى بن مطر المجاشعي عنه".
قلت: لا يثبت مثله عن عاصم بن سليمان الأحول، لتفرد يحيى بن مطر المجاشعي به، ولم أر من تكلم فيه بجرح أو تعديل، فهو في عداد المجاهيل، وله ترجمة في تالي تلخيص المتشابه (٢/ ٤٢٢)، وهو غير يحيى بن مطر اليمامي الذي ترجم له البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان [التاريخ الكبير (٨/ ٣٠٥)، الجرح والتعديل (٩/ ١٩١)، الثقات (٧/ ٦٠١)].
• تنبيه هام:
الذي تكلم في حديث عمران هذا [مثل الخطابي وابن عبد البر (١/ ١٣٤)] بأن قال بأنه غلط أو منسوخ، أو قال بإدراج زيادة النائم؛ إنما تكلم فيه بالظن لأجل القول بعدم جواز النافلة مضطجعًا مع القدرة، وأنه لا يُعرف عن أحد من السلف قال بجوازه، فيقال: قد قال بجوازه الحسن البصري، إمام التابعين في زمانه، كما نقله عنه الترمذي بإسناد صحيح، حيث قال:"إن شاء الرجل صلى صلاة التطوع قائمًا وجالسًا ومضطجعًا"، ونقل النووي عن الشافعية وجهين في المذهب، فقال:"والثاني: وهو الصحيح؛ صحتها لحديث عمران، ولو صلى النافلة قاعدًا أو مضطجعًا للعجز عن القيام والقعود؛ فثوابه ثواب القيام بلا خلاف، كما في صلاة الفرض" [المجموع (٣/ ٢٣١)]، وقال في روضة الطالبين (١/ ٢٣٩): "ولو تنفل مضطجعًا مع القدرة على القيام والقعود جاز على الأصح"، وهو وجه في مذهب أحمد [الإنصاف مع الشرح الكبير (٤/ ٢٠١)]، وطالما قد ثبت الحديث فهو حجة على المخالفين.
ولا يعارض هذا اللفظ الذي رواه الجماعة عن حسين المعلم، بما رواه إبراهيم بن طهمان عنه، حيث يمكن حملهما على أنهما حديثان مختلفان؛ الأول: في صلاة النافلة، والثاني: في صلاة الفريضة، حيث لا يسقط فرض القيام إلا بعدم الاستطاعة، وكذلك القعود، وهذا بخلاف تنصيف أجر القاعد إذا كان قادرًا على القيام فإنما هو في النفل دون الفرض، وسيأتي نقل كلام الأئمة في ذلك، والله أعلم.
قال الطحاوي في المشكل (٤/ ٣٩٧): "ذهب قوم إلى اضطراب حديث عمران هذا؛ لاختلاف إبراهيم بن طهمان وعيسى بن يونس، فيما روياه عليه عن حسين المعلم عن ابن بريدة عن عمران، ولم يكن ذلك عندنا كما ذكروا، ولكنهما حديثان مختلفان، فحديث إبراهيم منهما جواب من النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمران في كيفية الصلاة التي سأله عنها، وحديث عيسى منهما إخبار من النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدل صلاة القاعد المتطوع من صلاة القائم، ... ".
فإن قيل: رواية الجماعة عن حسين هي في صلاة الفرض أيضًا، وأراد به المريض الذي لو تحامل أمكنه القيام مع شدة المشقة والزيادة في العلة، فيجوز له أن يصلي قاعدًا، وأجره نصف أجر القائم [كما ذهب إلى ذلك الخطابي وتبعه على ذلك جماعة]،