للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

صريح في أن البخاري قال هذا الكلام في عبد الجبار، وأنه هو الذي ولد بعد موت أبيه بستة أشهر، وليس علقمة، فإن علقمة أكبر سنًّا من عبد الجبار، وقد أثبت له البخاري السماع من أبيه في تاريخه، كما تقدم.

٤ - قال البخاري في التاريخ الكبير (١/ ٦٩) في ترجمة محمد بن حجر: "كوفي، فيه نظر، سمع عمه سعيد بن عبد الجبار عن أبيه، قال لي ابن حجر: وولد عبد الجبار بعد موت أبيه بستة أشهر، وقال فطر عن أبي إسحاق عن عبد الجبار: سمعت أبي، ولا يصح"، فقدم البخاري قول ابن حُجر في جده عبد الجبار على غيره، مع كون فطر بن خليفة أثبت بكثير من محمد بن حُجر، بل لا مقارنة؛ فإن فطرًا صدوق، روى له البخاري مقرونًا بغيره، بينما قال البخاري في ابن حُجر هذا: "فيه نظر"، وهو قدح شديد عند البخاري، لكن ابن حُجر هنا ينقل واقعةً عن جده عبد الجبار، وأهل بيت الرجل أعلم بحاله من الغرباء، لا سيما وهذا النقل مما يقدح في اتصال إسناد جده عبد الجبار بأبيه وائل، فهو إذن لا يتزيد بهذا النقل، وعليه فقبول قوله في جده أولى من قبول رواية فطر، والتي خالف فيها غيره ممن لم يذكر السماع، والله أعلم.

٥ - وهذا هو ما اعتمده وصرح به الترمذي نقلًا عن البخاري في الجامع وفي العلل؛ قال الترمذي في الجامع (١٤٥٣) بعد حديث رواه عبد الجبار عن أبيه: "هذا حديث غريب؛ وليس إسناده بمتصل ... ، سمعت محمدًا يقول: عبد الجبار بن وائل بن حجر: لم يسمع من أبيه، ولا أدركه، يقال: إنه ولد بعد موت أبيه بأشهُر"، ثم قال بعد الحديث الذي يليه من طريق علقمة بن وائل عن أبيه (١٤٥٤): "هذا حديث حسن غريب صحيح، وعلقمة بن وائل بن حجر: سمع من أبيه، وهو أكبر من عبد الجبار بن وائل، وعبد الجبار: لم يسمع من أبيها، وقال في العلل (٤٢٦): "وعبد الجبار: لم يسمع من أبيه، ولد بعد موت أبيه".

وهذا النقل عن البخاري إضافة إلى ما قال به الترمذي نفسه ليؤكد عدم صحة ذاك النقل المذكور، ولو كان الترمذي نقله عن البخاري لكان أولى الناس بالقول به؛ لا أن يقول بخلافه مما هو ثابت عن البخاري في كتبه.

٦ - وهناك دليل آخر على صحة ما أقول؛ فإن الترمذي نفسه قد حكم على نفس الحديث المذكور في العلل، حكم عليه في الجامع (١٣٤٠) بالصحة، فقال: "حديث وائل بن حجر: حديث حسن صحيح"، فلو كان عنده منقطعًا بناءً على النقل السابق ذكره؛ لما حكم عليه بالصحة، ولقال فيه كما قال في رواية عبد الجبار آنفًا: "وليس إسناده بمتصل"، أو اكتفى بالحكم عليه بالحسن فقط؛ إشارةً إلى وجود ضعف في الإسناد من جهة الانقطاع ونحوه كعادته؛ فلما حكم عليه بالحسن والصحة معًا علمنا أنه لا يعلم لهذا الحديث علةً، وأنه حديث صحيح ثابت عنده، وقد صحح الترمذي لعلقمة عن أبيه أكثر من حديث، انظر: الجامع (٢٠٤٦ و ٢١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>