الركعتين، يرفع يديه؟ قال: إن فعله فما أقربه، فيه عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبو حميد: أحاديث صحاح، ولكن قال الزهري في حديثه: ولم يفعل في شيء من صلاته، وأنا لا أفعله" [انظر: الفتح لابن رجب (٤/ ٣٢١)، وقال: "وهذا اللفظ لا يُعرف في حديث الزهري"].
قلت: المعروف من حديث الزهري: [ولا يفعل ذلك في السجود"، وفي رواية:"ولا يفعل ذلك حين يسجد، ولا حين يرفع رأسه من السجود"، وهذا لا يخالف ما جاء في حديث عبيد الله بن عمر عن الزهري عن سالم، فإنه زاد فيه الرفع عند القيام من الركعتين، وعبيد الله بن عمر العمري: ثقة ثبت متقن، وهو من أصحاب الزهري، وعدَّه بعضهم في الطبقة الأولى من أصحابه [شرح علل الترمذي (٢/ ٦١٣)]، وقد قبل زيادته هذه عن الزهري: البخاري، والنسائي، وابن خزيمة، وابن حبان، والبيهقي، والإمام أحمد قد صحح الحديث، ولم يرده؛ إلا أنه لم يستعمله.
قال أبو داود في مسائله (٢٣٦): "سمعت أحمد سئل عن الرفع إذا قام من الثنتين؟ قال: أما أنا فلا أرفع يدي، فقيل له: بين السجدتين أرفع يدي؟ قال: لا".
فلو كان حديث عبيد الله بن عمر لا يثبت عنده، لصرح بنفي الرفع في هذا الموطن، كما صرح به فيما بين السجدتين، مما يدل على أنه يثبت حديث عبيد الله، ولم أقف له على نص صريح في رده، والله أعلم.
وقال النووي في المجموع (٣/ ٣٦٣): "قال البخاري: وأما رواية الذين رووا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الرفع عند الافتتاح، وعند الركوع، والرفع منه، ورواية الذين رووا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رفع في هذه المواضع وفي القيام من الركعتين: فالجميع صحيح؛ لأنهم لم يحكوا صلاة واحدة، واختلفوا فيها بعينها، مع أنه لا اختلاف في ذلك، وإنما زاد بعضهم على بعض، والزيادة مقبولة من أهل العلم، والله تعالى أعلم" [وانظر: البدر المنير (٣/ ٥٠٤)].
وقال ابن حجر في الفتح (٢/ ٢٢٢): "وقال البخاري في الجزء المذكور: ما زاده ابن عمر وعلي وأبو حميد في عشرة من الصحابة: من الرفع عند القيام من الركعتين: صحيح؛ لأنهم لم يحكوا صلاة واحدة فاختلفوا فيها، وإنما زاد بعضهم على بعض، والزيادة مقبولة من أهل العلم" [وانظر: عمدة القاري (٥/ ٢٧٧)] [وهذا النص الذي نقله النووي وابن حجر عن البخاري لم أجده بهذا اللفظ في كتابه: "رفع اليدين"، ويحتمل أن يكون ثمة سقط في المطبوع، تبعًا لأصله المخطوط، أو يكون في نقلِ مَن نقلَ عن البخاري شيء من التصرف، والله أعلم، وهذا نص ما في المطبوع (١٧٠): "قال البخاري: والذي يقول: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه عند الركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع، وما زاد علي وأبو حميد في عشرة من أصحابه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه إذا قام من السجدتين: كله صحيح؛ لأنهم لم يحكوا صلاة واحدة فيختلفوا في تلك الصلاة بعينها، مع أنه لا اختلاف في ذلك، إنما زاد بعضهم على بعض، والزيادة مقبولة من أهل العلم"].