للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وآجر نفسه قبل النّبوّة في رعاية الغنم، ولخديجة في سفر التّجارة.

النبي صلى الله عليه وسلّم: «بيعا أم عطيّة!» . أو قال «هبة!» . قال: لا؛ بل بيع. فاشترى منه شاة.

(وآجر نفسه قبل النّبوّة في رعاية الغنم) . روى البخاري في «صحيحه» ؛ عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه؛ عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «ما بعث الله نبيّا إلّا رعى الغنم» . فقال أصحابه: وأنت!! فقال: «نعم؛ كنت أرعاها على قراريط لأهل مكّة» .

قال في «فتح الباري» : قال العلماء: الحكمة في إلهام الأنبياء من رعي الغنم قبل النبوة أن يحصل لهم التمرّن برعيها على ما يكلّفونه من القيام بأمر أمّتهم، ولأن في مخالطتها ما يحصل لهم الحلم والشفقة؛ لأنّهم إذا صبروا على رعيها وجمعها بعد تفرّقها في المرعى، ونقلها من مسرح إلى مسرح، ودفع عدوّها من سبع وغيره؛ كالسارق، وعلموا اختلاف طبائعها وشدّة تفرّقها مع ضعفها واحتياجها إلى المعاهدة؛ ألفوا من ذلك الصبر على الأمّة، وعرفوا اختلاف طباعها وتفاوت عقولها؛ فجبروا كسرها، ورفقوا بضعيفها، وأحسنوا التعاهد لها، فيكون تحمّلهم لمشقّة ذلك أسهل ممّا لو كلّفوا القيام بذلك من أوّل وهلة، لما يحصل لهم من التدريج على ذلك برعي الغنم.

وخصّت الغنم بذلك!! لكونها أضعف من غيرها، ولأنّ تفرّقها أكثر من تفرّق الإبل والبقر، لإمكان ضبط الإبل والبقر بالرّبط؛ دونها في العادة المألوفة، ومع أكثرية تفرّقها فهي أسرع انقيادا من غيرها. انتهى.

(و) آجر نفسه قبل النبوة وعمره إذ ذاك خمس وعشرون سنة (لخديجة) بنت خويلد بن أسد (في سفر التّجارة) ، وكانت خديجة تاجرة ذات شرف ومال كثير وتجارة؛ تبعث بها إلى الشام، فتكون عيرها كعامّة عير قريش، وكانت تستأجر

<<  <  ج: ص:  >  >>