للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان الحسين قد لقي عُبيد الله بن الحرّ الجُعفيَّ هذا، فدعاه إلى القتال معهم، فامتنع خوفًا من ابن زياد، وكان ابنُ زياد قد جهَّزه لقتال الحسين ، فلم يشهد ذلك، فلما قُتل الحسين ؛ ندم حيث لم ينصره (١)، فقال الأبيات، وقال أيضًا:

فيا لكِ حسرةً ما دمتُ حيًّا … تردَّد بين حلقي والتَّراقي

حسينًا حين يطلبُ بذلَ نصري … على أهل العداوة والشِّقاقِ

ولو أنّي أُواسيه بنفسي … لنلتُ كرامةً يوم التَّلاقِ

مع ابنِ المصطفى نفسي فِداهُ … فولَّى ثم ودَّعَ للفراقِ

غداةَ يقول لي بالبر قولًا … أتتركُنا وتُزمِعُ بانطلاقِ

فلو فلقَ التَّلهُفُ قلبَ حيٍّ … لهَم اليوم قلبي بانفلاقِ

فقد فاز الأُلى نصروا حسينًا … وخابَ الآخرون أولو النفاقِ (٢)

شهد عُبيد الله بنُ الحُرّ صفِّين مع معاوية، وكان شجاعًا فاتكًا عثمانيًّا، وكان قد تزوَّج امرأةً من أهل الكوفة يقال لها: الدرداء، وغاب عنها مدَّة بالشام، فزوّجها أخوها من رجل، وبلغ عُبيدَ الله، فقدم على عليّ ، فقال له: أنت المُظاهر علينا عدوَّنا؟! قال: أَمَنَعَني ذلك عدلَك؟! ما كفرتُ بالله. فقال له: صدقتَ. وأخبره خبر المرأة، فدعا بها عليّ رضوان الله عليه، فإذا هي حامل من الزوج الثاني، فوضعَها على يَدَي عدل، وقضى بها لعُبيد الله. فلما ولدت دفع الولد إلى الزوج الثاني، وكان يقال له: عكرمة بن خميص (٣)، ووهبت المرأةُ صَدَاقها من الزوج الثاني، وأخذها عُبيد الله، وخرج إلى الشام، ثم عاد (٤).

ومن شعر عُبيد الله:

تبيت النَّشَاوَى (٥) من أميَّة نُوَّمًا … وبالطَّفِّ قتلى ما ينامُ حميمُها


(١) أنساب الأشراف ٢/ ٤٧٦، وتاريخ الطبري ٥/ ٤٠٧. وسلف خبره ص ١٢٠.
(٢) طبقات ابن سعد ٦/ ٤٥٩.
(٣) في "تاريخ دمشق" ٤٤/ ١٩٣: خبيص.
(٤) ينظر المصدر السابق ١٤٤/ ٩٣ - ١٩٥ (طبعة مجمع دمشق).
(٥) جمع نشوان. وفي "طبقات ابن سعد" ٦/ ٤٦٠: نساء. وورد البيت الأول في "أنساب الأشراف" ٢/ ٥١٤، ونُسب فيه لأبي دهبل الجمحي، وفيه: تبيت السكارى.