للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغفل عنه ابنُ زياد، فخرج وقعد على فرسه (١) فقال: أين ابنُ الحرّ؟ قالوا: خرج فقال: عليَّ به. فخرج الشُّرَطُ إليه وقالوا: أجب الأمير. فدفع فرسه وقال: قولوا له: واللهِ لا آتيه طائعًا أبدًا (٢). وسار في أصحابه، فأتى كربلاء، فوقف على مصارع القوم، واستغفر لهم، ثم سار إلى المدائن فنزلها؛ قال:

يقول أميرٌ غادرٌ أيُّ غادرٍ (٣) … ألا كنتَ قاتلتَ الحسين بنَ فاطِمَهْ

ونفسي على خِذْلانِهِ واعتزالِهِ … وبيعةِ هذا الناكثِ العهدِ لائمَهْ

فيا ندمي ألا أكون نصرتُهُ … ألا كلُّ نفسٍ لا تُسَدِّدُ نادِمَه

وإني على أن لا أكن من حُماتِهِ … لذو حسرةٍ ما إن تفارقُ لازمَهْ

سقى الله أرواح الذين تأزَّرُوا … على نصرهِ سُقيا من الغيثِ دائمَهْ

وقفتُ على أجداثهم ومجالهم … وكاد الحشا ينقضُّ (٤) والعينُ ساجِمَهْ

لعمري لقد كانوا مصاليتَ في الوَغَى … سِراعًا إلى الهيجا حُماةً ضَراغِمَهْ

تآسَوْا على نصرِ ابنِ بنتِ نبيِّهم … بأسيافهم آسادَ غِيلٍ خضارمَهْ (٥)

فإنْ يُقتلوا فكلُّ نفسٍ تقيَّةٍ … على الأرض قد أضْحَتْ لذلك واجمَهْ

وما إنْ رأى الراؤون أفضلَ منهمُ … لدى الموتِ ساداتٍ وزُهْرًا قماقِمَهْ

أتقتلُهم ظلمًا وترجو ودادَنًا … فدَع خِطَّةً ليست لنا بملائمِهْ

لعمري لقد راغمتُمونا بقتلهم … فكم ناقمٍ منَّا عليكم وناقِمَهْ

أهُمُّ مرارًا أنْ أسيرَ بجحفلٍ … إلى فئة زاغت عن الحقِّ ظالِمَهْ

فكُفُّوا وإلَّا زُرْتُكُم في كتائبٍ … أشدَّ عليكم من زحُوفِ الدَّيالِمَهْ


(١) في (م) بدل قوله: وغفل عنه ابن زياد … ، جاء قول آخر، لفظه: ولعمري لو كنتُ معه لطال عليك أن تنال منه. قال: وخرج من عند عبيد الله بن زياد، وقعد على فرسه …
(٢) في (م): فخرج الشرطي إليه وقال: أجب الأمير، فوشجه (كذا) بالمقرعة ثم قال: تبًّا لك ولأميرك، أخبره أنني لا آتيه …
(٣) في "طبقات ابن سعد" ٦/ ٤٥٨، و"تاريخ الطبري" ٥/ ٤٧٠: حق غادر. والشعر لم يرد في (م).
(٤) في "طبقات ابن سعد": يرفضّ.
(٥) في "طبقات ابن سعد" ٦/ ٤٥٨، و"تاريخ الطبري" ٥/ ٤٧٠. ضراغمه. وجاء فيهما لفظة: خضارمه، في البيت الذي قبله.