للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن أبي الدنيا: ضرب يزيد ثنايا الحسين بالقضيب، وأنشد للحُصين بن الحُمام المرِّي:

صبرنا وكان الصبرُ منَّا سَجِيَّةً … بأسيافنا يفرين (١) هامًا ومعصَما

نُفَلِّقُ هامًا من رؤوس أَعِزَّةٍ … علينا وهم كانوا أعقَّ وأظلما (٢)

فلم يبق أحدٌ إلا عابه وتركه.

وكان عنده أبو بَززة الأسلميُّ، فقال له: ارفع قضيبَك، فطالما رأيتُ رسول الله يقبِّلُ ثناياه، أما إنك ستجيءُ يوم القيامة وشفيعُك ابنُ زياد، ويجيئُ الحسين وشفيعُه محمد (٣).

وكان عنده عبد الرحمن بنُ الحكم، وكان شاعرًا فصيحًا فأنشده:

لَهامٌ بجَنْبِ الطَّفِّ أدْنَى قَرابةً … من ابنِ زيادِ العبدِ ذي النَّسَب الوَغْلِ

سُمَيَّةُ أضحى نَسْلُها عددَ الحصى … وبنتُ رسول الله أَمسَتْ بلا نَسْلِ (٤)

وصاحَ وبكَى، فضربَ يزيدُ صدرَه، وقال له: يا ابنَ الحمقاء، ما لك ولهذا؟!

ثم أُتِيَ (٥) بِثَقَل الحسين ومن بقي من أهله، فأُدخِلوا عليه وقد قُرنوا بالحبال، فوقفوا بين يديه، فقال له علي بن الحسين : أنشدك الله يا يزيد، ما ظنُّك برسول الله لو رآنا مقرَّنين بالحبال، أما كان يَرِقُّ لنا؟! فأمر يزيد بالحبال فقطِّعت، وعُرف الانكسار فيه (٦).

وقالت سُكينة بنتُ الحسين: يا يزيدُ، أبناتُ رسولِ الله سَبايا؟! فقال لها: يا بنتَ أخي: هو واللهِ أشدُّ عليَّ منه عليكِ، واللهِ لو كان بين ابنِ زياد بن سميَّة وبين


(١) في "المفضّليات" ص ٦٥، و"الأغاني" ١٤/ ٧: يقطعن.
(٢) ورد هذا البيت في "طبقات ابن سعد" ٦/ ٤٤٥ و ٤٤٧، و"أنساب الأشراف" ٢/ ٥٠٨، و"تاريخ الطبري" ٥/ ٤٦٣ و ٤٦٥، وفيها وفي "المفضّليات" ص ٦٥: "يُفَلقْنَ هامًا من رجالٍ أعزةٍ علينا" إلا الموضع الثاني في "الطبري ففيه: أحبة إلينا.
(٣) ينظر "أنساب الأشراف" ٢/ ٥٠٩، و"تاريخ الطبري" ٥/ ٤٦٥.
(٤) ينظر "أنساب الأشراف" ٢/ ٥١٤ - ٥١٥، و"تاريخ الطبري" ٥/ ٤٦٠.
(٥) في (ب) و (خ): ولما أتي، والمثبت من "طبقات ابن سعد" ٦/ ٤٤٨. والكلام ليس في (م).
(٦) طبقات ابن سعد ٦/ ٤٤٨.