للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اهْزِم الأحْزَابَ، اللهم اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ".

وروينا في "صحيحيهما" عن أنس رضي الله عنه قال: صبح النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر، فلما رأوه قالوا:

ــ

عقد كما يفعله الحساب منا اهـ. ونقل هذا القول تلميذه في التفسير الكبير ثم قال: قال الحسين: حسابه أسرع من لمح البصر وفي الخبر أن الله تعالى يحاسب في قدر حلب شاة وقيل: المعنى لا يشغله شأن عن شأن فيحاسبهم في حالة واحدة كما قال تعالى {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} وقيل لعلي رضي الله عنه: كيف يحاسب الله الخلق يوم القيامة قال كما يرزقهم في يوم ومعنى الحساب تعريف الله عباده مقادير الجزاء على أعمالهم وتذكيرهم إياها بما قد نسوه قال تعالى: {أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} اهـ. ملخصًا. قوله: (اللهم اهزم الأحزاب الخ) أي زلزل أقدامهم وثبت أقدامنا وقيل: أزعجهم وحركهم بالشدائد وفي النهاية الزلزلة في الأصل الحركة العظيمة والإزعاج الشديد ومنه زلزلت الأرض وهو كناية عن التخويف والتحذير أي اجعل أمرهم مضطربًا متقلقلًا غير ثابت وفي الحديث استعمال السجع في الدعاء قال المصنف هو وغيره دليل لما قاله العلماء إن السجع المذموم في الدعاء هو المتكلف فإنه يذهب الخشوع والخضوع والإخلاص ويلهي عن الضراعة والافتقار وفراغ القلب أما ما حصل بلا كلفة ولا إعمال فكر لكمال الفصاحة ونحو ذلك أو كان محفوظًا فلا بأس به بل هو حسن اهـ. وقال الغزالي المكروه من السجع هو المتكلف لأنه لا يلائم الضراعة والذلة وإلا ففي الأدعية المأثورة كلمات متوازنة لكنها غير متكلفة وكذا قال الحافظ في الفتح فيما رواه البخاري من قول ابن عباس لعكرمة وانظر السجع من الدعاء واجتنبه فإني عهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك قال: فقوله فاجتنبه أي لا تقصد إليه ولا تشغل فكرك به لما فيه من التكلف المانع للخشوع المطلوب في الدعاء وقال ابن التين المراد بالنهي المستكره منه وقال الداودي الاستكثار منه وقال في قوله لا يفعلون إلا ذلك أي ترك السجع وفي رواية لا يفعلون ذلك بإسقاط إلا وهو واضح وكذا أخرجه البزار ولا يرد على ذلك ما وقع في الأحاديث الصحيحة لأنه كان يصدر عن غير قصد إليه ولأجل ذلك يجيء في دعائه الانسجام اهـ.

قوله: (وروينا في صحيحيهما الخ) وأخرجه الترمذي

<<  <  ج: ص:  >  >>