للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروَى الزُّهريُّ، عن حُميدِ بنِ عبدِ الرَّحمن، عن أُمِّه، قالت: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ أفضلَ الصدقةِ على ذي الرَّحم الكاشِح" (١).

قيل في تأويلِ الكاشِح هاهنا: القريبُ. وقيل: المبغِضُ المُعادي، وهو الصحيحُ، واللَّهُ أعلم (٢).

وفيه إجازةُ تولِّي المُتَصدِّقِ قَسْمَ صدَقَتِه، وذلك عندَ أصحابِ مالكٍ إذا كان منه إخراجًا لها عن مِلْكِه ويدِه، وتمليكًا لغيرِه.

وفيه ردٌّ على مَن كرِهَ أكلَ الصدقةِ التَّطوُّع للغنيِّ من غيرِ مسألة؛ لأنَّ أقاربَ أبي طلحةَ الذين قسَم عليهم صَدَقتَه تلك، لم يَبِنْ لنا أنَّهم فُقراءُ ممّن يَحِلُّ لهم أخذُ


(١) أخرجه الحميديُّ في مسنده (٣٢٨)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ٥/ ٤٧٧ (٣١٧٣)، وابن خزيمة في صحيحه ٤/ ٧٧ (٢٣٨٦)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (٢٩٤)، والحاكم في المستدرك ١/ ٤٠٥، والبيهقي في الكبرى ٧/ ٢٧ (١٣٦٠٣). أمُّ حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزُّهري: هي أم كلثوم بنت عُقبة بن أبي مُعيط الأموية.
قال بشار: وهذا حديث لا يصح، فقد اختلف فيه على الزهري، فقال الحميدي عن ابن عيينة: أخبروني عن الزهري، وتابعه إبراهيم بن بشار الرمادي، عن ابن عيينة، ورواه غيرهما: عن ابن عيينة عن الزهري. أما حجاج بن أرطاة، فقال مرة عن الزهري عن أيوب بن بشير، عن حكيم بن حزام، وقال مرة: عن الزهري عن حكيم بن بشير، عن أبي أيوب الأنصاري، قال الإمام الدارقطني: وكلاهما غير محفوظ (العلل، رقم ٤٠٦٤). وحديث أبي أيوب أخرجه أحمد ٣٨/ ٥١١ (٢٣٥٣١) وغيره، وأما حديث أيوب بن بشير عن حكيم بن حزام فأخرجه أحمد أيضًا ٢٤/ ٣٦ (١٥٣٢٠)، وقال الدارقطني في العلل (١٠١٧): "ولا يثبت"، ومع ذلك صححه صديقنا العلامة الشيخ شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند الأحمدي ولم يقف على علته. وينظر كتابنا: المسند المصنف المعلل ٢٦/ ٢٠٩ - ٢١٠ (١١٨١٩) و ٤٠/ ٥٧٩ - ٥٨٠ (١٩٤٥٦)، واللَّه الموفق للصواب.
(٢) جاءت العبارة في النشرة الأولى، كما في ق وغيرها: "والكاشح المبغض كأنه طوى كشحه على بغضته وعداوته. وقيل في الكاشح: إنه القريب هنا، والصحيح أنه المبغض، واللَّه أعلم"، والمثبت من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>