للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال شعبةُ، عن أبي جَمرةَ: تمتَّعتُ فنَهاني عنها أُناسٌ، فسألتُ ابنَ عباسٍ، فقال: سُنَّةُ أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - (١). يعني: التَّمَتُّعَ.

واحتجُّوا بآثارٍ كثيرةٍ يطولُ ذكرُها؛ منها: حديثُ الثوريِّ، عن ليثٍ، عن طاووسٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: تمتَّعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى مات، وأبو بكرٍ حتى مات، وعمرُ حتى ماتَ، وعثمانُ حتى مات، وأوَّلُ مَن نَهى عنها معاوية (٢).

قال أبو عُمر: حديثُ ليثٍ هذا منكرٌ، وهو ليثُ بنُ أبي سُلَيْم، ضعيفٌ، والمشهورُ عن عمرَ وعثمانَ أنَّهما كانا يَنْهَيان عن التَّمَتُّع، وإن كان جماعَة مِن أهلِ العِلْم قد زَعَموا أنَّ المتعةَ التي نَهى عنها عمرُ وضَرَب عليها فَسْخُ الحجِّ في عمرةٍ، فأمَّا التمتُّعُ بالعُمرةِ إلى الحجِّ فلا، وزَعَم مَن صحَّح نهْيَ عمرَ عن التَّمَتُّع أنَّه إنَّما نَهى عنه ليُنْتجَعَ البيتُ مرَّتَين أو أكثرَ في العام.

وقال آخرونَ: إنَّما نَهى عنها عمرُ لأنَّه رأى الناسَ مالوا إلى التَّمَتُّع ليَسارته وخِفَّتِه، فخَشيَ أن يَضِيعَ الإفرادُ والقِرانُ، وهما سُنَّتان للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

وذكَر معمرٌ، عن الزُّهريِّ، عن سالم، قال: سُئِل ابنُ عمرَ عن متعةِ الحجِّ فأمَر بها، فقيل له: إنَّك لتُخالِفُ أباك. فقال: إن عُمرَ لم يقُلِ الذي تقولون؛ إنَّما قال عُمرُ: أفْرِدوا الحجَّ مِن العُمرةِ، فإنَّه أتمُّ للعُمرةِ؛ أي أنّ العمرةَ لا تَتِمُّ في شُهورِ الحجِّ إلَّا


= وعبد الله بن شريك العامريّ مختلفٌ فيه، فقد وثّقه يحيى بن معين وأبو زرعة وابن حبّان وقال النسائي في رواية: لا بأس به، وفي أخرى: ليس بقوي، وقال ابن حجر في التقريب (٣٣٨٤): "صدوقٌ يتشيَّع"، وينظر تهذيب الكمال والتعليق عليه ١٥/ ٨٨.
(١) أخرجه أحمد في المسند ٤/ ٥٥ (٢٥١٨)، والبخاري (١٥٦٧) و (١٦٨٨)، ومسلم (١٢٤٢) من طرقٍ عن شعبة بن الحجّاج، به.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٥/ ٥٤ (٢٨٦٣)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٢/ ١٤١ (٣٦٦١)، وابن حزم في حجّة الوداع، ص ٣٥٥ (٣٩٦) من طرق عن سفيان الثوريّ، به. وإسناده ضعيف لضعف ليث: وهو ابن أبي سُليم، قال الحافظ ابن حجر في التقريب (٥٦٨٥): "صدوق اختلط جدًّا، ولم يتميَّز حديثُه فتُرك".

<<  <  ج: ص:  >  >>