للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستَحَب آخرون التَّمَتُّعَ بالعمرةِ إلى الحجِّ، وقالوا: ذلك أفضلُ. وهو مذهبُ عبد الله بنِ عمرَ، وعبدِ الله بنِ عباسٍ، وابنِ الزبيرِ، وعائشةَ أيضًا. وبه قال أحمدُ بنُ حنبلٍ. وهو أحَدُ قَوْلي الشافعيِّ، كان الشافعيُّ يقولُ: الإفرادُ أحبُّ إليَّ مِن التَّمَتُّع، ثم القِرَانُ. وقال في "البُوَيطِي": التَّمَتُّع أحَبُّ إليَّ مِن الإفرادِ والقِرانِ (١).

واحتجَّ القائلون بتَفضيلِ التَّمَتُّع بحديثِ معمرٍ، عن أيوبَ، قال: قال عروةُ لابنِ عباسٍ: ألا تَتقي اللهَ، تُرَخِّصُ في المتْعَةِ؟! فقال ابنُ عباسٍ: سَلْ أُمَّكَ يا عُرَيَّةُ. فقال عروةُ: أمَّا أبو بكرٍ وعمرُ فلم يَفعَلا. فقال ابنُ عباسٍ: والله ما أراكم مُنتَهِينَ حتى يُعَذِّبَكم اللهُ تعالى، نُحَدِّثُكم عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وتُحدِّثونا عن أبي بكرٍ وعمرَ (٢)!

وبحديثِ الليثِ، عن عُقَيْلٍ، عن ابنِ شهابٍ، عن سالم، عن ابنِ عمرَ، قال: تمتَّعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في حَجةِ الوداع بالعمرةِ إلى الحجِّ، وأهدَى، وساق الهديَ معه مِن ذي الحُلَيفَةِ، وبدَأ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُهِلُّ بالعمرةِ، ثم أهَلَّ بالحجِّ، وتَمَتَّع الناسُ مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بالعمرةِ إلى الحج (٣).

قال عُقَيلٌ: قال ابنُ شهابٍ: وأخبرني عروةُ عن عائشةَ بمثلِ خبَر سالم، عن أبيه، في تمتُّع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بالعُمْرَة إلى الحجِّ. ذكَره البخاريُّ (٤)، عن ابنِ بُكير، عن الليثِ.


(١) يُنظر في ذلك كلّه: المصنَّف لابن أبي شيبة (١٤٥١٠ - ١٤٥٢١) (باب مَن كان يرى الإفراد ولا يقرن)، واختلاف الفقهاء لمحمد بن نصر المروزي ١/ ٣٩٣ - ٣٩٤، ومختصر المُزني ٨/ ١٦٥، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ١٥٣.
(٢) أخرجه ابن حزم في حجَّة الوداع ص ٣٥٣ (٣٩٢)، والمصنِّف في جامع بيان العلم وفضله ٢/ ١٢٠٩ (٢٣٧٧) من طريق عبد الرزاق، عن معمر بن راشد، به.
(٣) أخرجه أحمد في المسند ١٠/ ٣٦٤ (٦٢٤٧)، والبخاري (١٦٩١)، ومسلم (١٢٢٧) (١٧٤)، وأبو داود (١٨٠٥)، والنسائي (٢٧٣٢) من طرقٍ عن الليث بن سعد، به. وعُقيل: هو ابن خالد الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزّهريّ.
(٤) في صحيحه برقم (٣١٩)، وابن بُكير: هو يحيى بن عبد الله بن بُكير المخزوميّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>