للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: قولُ ابن وهْبٍ هذا، واللهُ أعلمُ، خيرٌ من قولِ من قال: إنّ الجمعَ هاهنا الجيشُ (١)، وإنّ له أجرَ الغازِي أو الغُزاة؛ من قولِه: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ} [الشعراء: ٦١]، يعني: الجيشين. وليس هذا عندِي بشيءٍ، والوجهُ ما قالَه ابنُ وَهْب، وهو المعروفُ عن العرب.

أخبَرني عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن محمدِ بن إسماعيلَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن الحسن، قال: حدَّثنا الزبيرُ بن أبي بكرٍ، قال: حدَّثني عمِّي مصعبُ بن عبد الله، أنّ في وصيةِ المنذر بن الزبير: إنّ لفلانٍ بَغْلَتي الشَّهباءَ، ولفلانٍ عشَرةَ آلافِ درهمٍ، ولفلانٍ سهمَ جَمْعٍ. قال مُصعبٌ: فسألْتُ عبدَ الله بن المنذر بن الزبير: ما يَعني بسَهْم جَمْع؟ قال: نصيبُ رجلين (٢).

واختَلف الفقهاءُ أيضًا فيما يُعادُ من الصَّلواتِ مع الإمام لمن صلّاها في بَيته، فقال مالكٌ (٣): تُعادُ الصَّلواتُ كُلُّها (٤) مع الإمام إلّا المغربَ وحدَها؛ فإنّه لا يُعيدُها لأنّها تَصيرُ شَفْعًا. قال: ومن صلَّى في جماعةٍ ولو مع واحدٍ فإنّه لا يُعيدُ تلكَ الصلاةَ إلّا أنْ يُعيدَها في مسجدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أو المسجدِ الحرام، أو بيتِ المقدس (٥). قال: وإنْ دخَل الذي صلَّى وحدَه المسجدَ فوجَدهم جُلوسًا في آخر صلاتِهم فلا يَجْلِسُ معهم، ولا يَدْخُلُ في صلاتِهم حتى يَعلَمَ أنّه يُدْرِكُ منها ركعةً. ومن قولِ مالكٍ أنّه لا يَدْرِي أيُّ الصلاتين (٦) فَريضَتُه، وإنّما ذلك عندَه إلى الله يَجعَلُها أيَّتَهما شاء، ولا يقولُ: إنّها نافلةٌ.


(١) وعزا هذا القول الخطابي للأخفش (معالم السنن ١/ ١٦٥)، وانظر لسان العرب (جمع).
(٢) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٥٦/ ٢٧ من طريق الزبير بن بكار، به.
(٣) الموطأ ١/ ١٩٥ (٣٥٤)، والمدوَّنة ١/ ١٧٩، وينظر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد ١/ ١٥٢.
(٤) هذه اللفظة من ق.
(٥) في ق: "المسجد الأقصى"، وكله بمعنًى.
(٦) في ق: "صلاتيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>