للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَرْوِيٍّ فِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا حَدِيثًا مُنْقَطِعًا لَا تَقُومُ بِمِثْلِهِ حُجَّةٌ: وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ، أَنْبَأَ أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَسَوِيُّ الدَّاوُدِيُّ، ثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ اللُّؤْلُؤِيُّ، ثَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، ثَنَا أَبُو تَوْبَةَ، ثَنَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي: ابْنَ سَلَامٍ، عَنْ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ نُعَيْمٍ أَوْ زَيْدُ بْنُ نُعَيْمٍ: شَكَّ أَبُو تَوْبَةَ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ جُذَامٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ، وَهُمَا مُحْرِمَانِ، فَسَأَلَ الرَّجُلُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُمَا «اقْضِيَا نُسُكَكُمَا وَأَهْدِيَا هَدْيًا، ثُمَّ ارْجِعَا حَتَّى إِذَا جِئْتُمَا الْمَكَانَ الَّذِي أَصَبْتُمَا فِيهِ مَا أَصَبْتُمَا فَتَفَرَّقَا وَلَا يَرَى وَاحِدٌ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ، وَعَلَيْكُمَا حَجَّةٌ أُخْرَى فَتُقْبِلَانِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَصَبْتُمَا فِيهِ مَا أَصَبْتُمَا فَأَحْرِمَا وَأَتِمَّا نُسُكَكُمَا وَاهْدِيَا» .

هَذَا مُنْقَطِعٌ، وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ نُعَيْمٍ الْأَسْلَمِيُّ بِلَا شَكٍّ، انْتَهَى مِنَ الْبَيْهَقِيِّ. وَتَرَاهُ صَرَّحَ بِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَانْقِطَاعُهُ ظَاهِرٌ ; لِأَنَّ يَزِيدَ بْنَ نُعَيْمٍ الْمَذْكُورَ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ. وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي «نَصْبِ الرَّايَةِ» بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ، عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ، وَالْبَيْهَقِيِّ، وَذَكَرَ قَوْلَ الْبَيْهَقِيِّ: أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ - مَا نَصُّهُ: وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: هَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ، فَإِنَّ زَيْدَ بْنَ نُعَيْمٍ مَجْهُولٌ، وَيَزِيدُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ هَزَّالٍ ثِقَةٌ. وَقَدْ شَكَّ أَبُو تَوْبَةَ، وَلَا يُعْلَمُ عَمَّنْ هُوَ مِنْهُمَا، وَلَا عَمَّنْ حَدَّثَهُمْ بِهِ مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، فَهُوَ لَا يَصِحُّ. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ جُذَامٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ، وَهُمَا مُحْرِمَانِ، فَسَأَلَ الرَّجُلُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُمَا: «أَتِمَّا حَجَّكُمَا، ثُمَّ ارْجِعَا، وَعَلَيْكُمَا حَجَّةٌ أُخْرَى، فَإِذَا كُنْتُمَا بِالْمَكَانِ الَّذِي أَصَبْتُمَا فِيهِ مَا أَصَبْتُمَا، فَأَحْرِمَا وَتَفَرَّقَا، وَلَا يَرَى وَاحِدٌ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ، ثُمَّ أَتِمَّا نُسُكَكُمَا وَاهْدِيَا» انْتَهَى.

قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَفِي هَذَا أَنَّهُ أَمَرَهُمَا بِالتَّفَرُّقِ فِي الْعَوْدَةِ، لَا فِي الرُّجُوعِ. وَحَدِيثُ الْمَرَاسِيلِ عَلَى الْعَكْسِ مِنْهُ، قَالَ: وَهَذَا ضَعِيفٌ أَيْضًا بِابْنِ لَهِيعَةَ، انْتَهَى كَلَامُهُ. انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ مِنْ «نَصْبِ الرَّايَةِ» لِلزَّيْلَعِيِّ.

وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ لَيْسَ فِيهَا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ الْمُنْقَطِعَ سَنَدُهُ تَبَيَّنَ: أَنَّ عُمْدَةَ الْفُقَهَاءِ فِيهَا عَلَى الْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ عَنِ الصَّحَابَةِ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي «الْمُوَطَّأِ» بَلَاغًا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - سَأَلُوا عَنْ رَجُلٍ أَصَابَ أَهْلَهُ، وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ؟ فَقَالُوا: يَنْفُذَانِ يَمْضِيَانِ لِوَجْهِهِمَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا ثُمَّ عَلَيْهِمَا حَجُّ قَابِلٍ وَالْهَدْيُ. قَالَ: وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>