للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْحَسَنِ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَمَالِكٍ، وَإِسْحَاقَ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ إِنْ أَنْزَلَ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ، وَلَا يَفْسُدُ حَجُّهُ.

وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي «الْمُغْنِي» : فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: وَهِيَ الصَّحِيحَةُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ ; لِأَنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ لَا يَجِبُ بِنَوْعِهِ حَدٌّ فَلَمْ يَفْسُدُ الْحَجُّ كَمَا لَوْ لَمْ يُنْزِلْ، وَلِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ وَلَا إِجْمَاعَ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ. انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ.

وَمَا ذَكَرْنَا عَنْ أَحْمَدَ: مِنْ أَنَّهُ إِنْ أَنْزَلَ تَلْزَمُهُ بَدَنَةٌ: أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا بِفَسَادِ الْحَجِّ، أَوْ عَدَمِ فَسَادِهِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِلُزُومِ الْبَدَنَةِ فِي ذَلِكَ: الْحَسَنُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ صَاحِبُ «الْمُغْنِي» . وَإِنْ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ، وَلَمْ يُنْزِلْ أَوْ أَنْزَلَ جَرَى عَلَى حُكْمِ الْوَطْءِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ قَرِيبًا.

وَإِنْ نَظَرَ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَصَرَفَ بَصَرَهُ، فَأَمْنَى فَعَلَيْهِ دَمٌ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَإِنْ كَرَّرَ النَّظَرَ، حَتَّى أَمْنَى: فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ عِنْدَهُ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ إِنْ كَرَّرَ النَّظَرَ، حَتَّى أَمْنَى فَسَدَ حَجُّهُ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ.

وَاعْلَمْ أَنَّ أَظْهَرَ قَوْلَيْ أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدِي: أَنَّ الْحَجَّ الْفَاسِدَ بِالْجِمَاعِ يَجِبُ قَضَاؤُهُ فَوْرًا فِي الْعَامِ الْقَابِلِ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إِنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي، وَدَلِيلُ ذَلِكَ الْآثَارُ الَّتِي سَتَرَاهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَدِلَّةِ هَذَا الْمَبْحَثِ.

وَأَظْهَرُ قَوْلَيْ أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدِي أَيْضًا - أَنَّ الزَّوْجَيْنِ اللَّذَيْنِ أُفْسِدَا حَجُّهُمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إِذَا أَحْرَمَا بِحَجَّةِ الْقَضَاءِ لِئلا يُفْسِدَا حَجَّةَ الْقَضَاءِ أَيْضًا بِجِمَاعٍ آخَرَ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَعْضُ الْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ عَنِ الصَّحَابَةِ، وَالْأَظْهَرُ أَيْضًا: أَنَّ الزَّوْجَةَ إِنْ كَانَتْ مُطَاوِعَةً لَهُ فِي الْجِمَاعِ يَلْزَمُهَا مِثْلُ مَا يَلْزَمُ الرَّجُلَ مِنَ الْهَدْيِ وَالْمُضِيِّ فِي الْفَاسِدِ وَالْقَضَاءِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: يَكْفِيهِمَا هَدْيٌ وَاحِدٌ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إِنْ أَكْرَهَهَا: لَا هَدْيَ عَلَيْهَا. وَإِذَا عَلِمْتَ أَقْوَالَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي جِمَاعِ الْمُحْرِمِ، وَمُبَاشَرَتِهِ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ، فَاعْلَمْ أَنَّ غَايَةَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ: أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي الْإِحْرَامِ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [٢ \ ١٩٧] ، أَمَّا أَقْوَالُهُمْ فِي فَسَادِ الْحَجِّ وَعَدَمِ فَسَادِهِ، وَفِيمَا يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ، فَلَيْسَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَقْوَالِهِمْ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ، وَإِنَّمَا يَحْتَجُّونَ بِآثَارٍ مَرْوِيَّةٍ عَنِ الصَّحَابَةِ. وَلَمْ أَعْلَمْ بِشَيْءٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>