للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَعَزَاهُ النَّوَوِيُّ فِي «شَرْحِ الْمُهَذَّبِ» لِعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ إِلَّا رِوَايَةً عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ.

وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي «الْمُغْنِي» فِي شَرْحِهِ قَوْلَ الْخِرَقِيِّ: وَلِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَّجِرَ وَيَصْنَعَ الصَّنَائِعَ، وَيَرْتَجِعَ امْرَأَتَهُ - مَا نَصُّهُ:

فَأَمَّا الرَّجْعَةُ: فَالْمَشْهُورُ إِبَاحَتُهَا، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ أَنَّهَا لَا تُبَاحُ. إِلَى أَنْ قَالَ: وَجْهُ الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ: أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ وَالرَّجْعَةَ إِمْسَاكٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ [٦٥ \ ٢] فَأُبِيحَ ذَلِكَ كَالْإِمْسَاكِ قَبْلَ الطَّلَاقِ. انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ.

وَقَالَ مَالِكٌ فِي «الْمُوَطَّأِ» فِي الرَّجُلِ الْمُحْرِمِ: أَنَّهُ يُرَاجِعُ امْرَأَتَهُ، إِذَا كَانَتْ فِي عِدَّةٍ مِنْهُ. وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ عَنِ الْخُرَاسَانِيِّينَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهَيْنِ، أَصَحُّهُمَا: جَوَازُ الرَّجْعَةِ، وَالثَّانِي: مَنْعُهَا فِي الْإِحْرَامِ.

الْفَرْعُ الثَّانِي: اعْلَمْ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْوَلِيَّ إِذَا وَكَّلَ وَكِيلًا عَلَى تَزْوِيجِ وَلِيَّتِهِ، فَلَا يَجُوزُ لِذَلِكَ الْوَكِيلِ تَزْوِيجُهَا بِالْوَكَالَةِ فِي حَالَةِ إِحْرَامِهِ ; لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَكَذَلِكَ وَكِيلُ الزَّوْجِ.

الْفَرْعُ الثَّالِثُ: اعْلَمْ أَنَّ أَظْهَرَ قَوْلَيْ أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدِي: أَنَّ السُّلْطَانَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ فِي حَالِ إِحْرَامِهِ، لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ» فَلَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ السُّلْطَانِ مِنْ هَذَا الْعُمُومِ، إِلَّا بِدَلِيلٍ خَاصٍّ بِهِ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ، وَلَمْ يَرِدْ بِذَلِكَ دَلِيلٌ ; فَالتَّحْقِيقُ مَنْعُ تَزْوِيجِهِ فِي الْإِحْرَامِ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ الْقَائِلِينَ: يَجُوزُ ذَلِكَ لِلسُّلْطَانِ، وَلَا دَلِيلَ مَعَهُمْ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ، وَإِنَّمَا يَحْتَجُّونَ بِأَنَّ الْوِلَايَةَ الْعَامَّةَ أَقْوَى مِنَ الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ. بِدَلِيلِ أَنَّ الْوَلِيَّ الْمُسْلِمَ الْخَاصَّ، لَا يُزَوِّجُ الْكَافِرَةَ بِخِلَافِ السُّلْطَانِ، فَلَهُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُزَوِّجَ الْكَافِرَةَ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ.

الْفَرْعُ الرَّابِعُ: اعْلَمْ أَنَّ أَظْهَرَ قَوْلَيْ أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدِي: أَنَّ لِلشَّاهِدِ الْمُحْرِمِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى عَقْدِ نِكَاحٍ ; لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَتَنَاوَلُهُ حَدِيثُ: «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكِحُ» لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالشَّاهِدُ لَا صُنْعَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، قَائِلًا: إِنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ رُكْنٌ فِي الْعَقْدِ، فَلَمْ تَجُزْ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ كَالْوَلِيِّ، وَكَرِهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى النِّكَاحِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>