للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لقد وقف كفار قريش يعاندون رسول الله فقالوا: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا، أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا، أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا، أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} [الإسراء: ٩٠-٩٣] .

لقد كانوا يطلبون المعجزات المادية -معجزات الحوادث- لا رغبة في البرهان على صدق الرسالة -فقد علموا صدق الرسول- ولكنه العناد والتعجيز.

وأمثال هؤلاء {لَا يُؤْمِنُونَ، وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آَيَةٍ} [يونس: ٩٦-٩٧] .

فلقد سبق أن جاءت ثمود الناقة وقال لهم نبيهم صالح: {هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ، وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ، فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ، فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ} [الشعراء: ١٥٥-١٥٨] .

وإذا كان هذا موقف سالفيهم من العرب، فإنه كذلك موقف سالفيهم من الإسرائيليين الذين وقفوا يعاندون المسيح وقد جاءهم بمعجزات الحوادث فكذبوه وقالوا إنه ساحر يستخدم قوى الشياطين: "فقد "أحضر إليه مجنون أعمى وأخرس فشفاه حتى إن الأعمى الأخرس تكلم وأبصر، فبهت كل الجموع وقالوا: لعل هذا هو ابن داود. أما الفريسيون فلما سمعوا قالوا: هذا لا يخرج الشياطين إلا ببعلزبول رئيس الشياطين" "متى ١٢: ٢٢-٢٤".

ومن يتصفح التاريخ يجد سنة الله قائمة في إنزل العذاب بمكذبي معجزات الحوادث في الدنيا قبل الآخرة.

فلقد حدث ذلك لثمود إذ جعلهم الله عبرة وقال فيهم: {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ، فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [النمل: ٥١-٥٢] .

<<  <   >  >>