أَهْلِهَا، حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَ بِهَا قَيْسٌ، وَبَقِيَا دَهْرًا بِأَرْغَدِ عَيْشٍ، فَقَالَ قَيْسٌ:
جَزَى الرَّحْمَنُ أَفْضَلَ مَا يُجَازِي ... عَلَى الإِحْسَانِ خَيْرًا مِنْ صَدِيقِ
فَقَدْ جَرَّبْتُ إِخْوَانِي جَمِيعًا ... فَمَا ألْفَيْتُ كَابْنِ أَبِي عَتِيقِ
سَعَى فِي جَمْعِ شَمْلِي بَعْدَ صَدْعٍ ... وَرَأَيٍ حِدْتُ فِيهِ عَنِ الطَّرِيقِ
وَأَطْفَأَ لَوْعَةً كَانَتْ بِقَلْبِي ... أَغَصَّتَنِي حَرَارَتُهَا بِرِيقِي
هَذِهِ رِوَايَةٌ.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ عَبَايَةَ قَالَ: خَرَجَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ إِلَى الْمَدِينَةِ يَبِيعُ نَاقَةً، فَاشْتَرَاهَا زَوْجُ لُبْنَى وَهُوَ لا يَعْرِفُهُ، فَقَالَ لِقَيْسٍ: انْطَلِقْ مَعِي لِتَأْخُذَ الثَّمَنَ، فَمَضَى مَعَهُ، فَلَمَّا فَتَحَ الْبَابَ إِذَا لُبْنَى اسْتَقْبَلَتْ قَيْسًا، فَلَمَّا رَآهَا وَلَّى هَارِبًا، وَاتَّبَعَهُ الرَّجُلُ بِالثَّمَنِ، فَقَالَ: لا تَرْكَبْ لِي مَطِيَّتَيْنِ أَبَدًا، قَالَ: وَأَنْتَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: هَذِهِ لُبْنَى، فَقِفْ حَتَّى أُخَيِّرُهَا، فَإِنِ اخْتَارَتَكَ طَلَّقْتُهَا، وَظَنَّ الزَّوْجُ أَنَّ لَهُ فِي قَلْبِهَا مَوْضِعًا، فَخُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ قَيْسًا، فَطَلَّقَهَا فَمَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ١.
وَلَقَدْ قِيلَ لِقَيْسٍ: إِنَّ مِمَّا يُسْلِيكَ عَنْهَا ذِكْرُ مَعَايِبَهَا، فَقَالَ:
إِذَا عِبْتُهَا شَبَّهْتُهَا الْبَدْرَ طَالِعًا ... وَحَسْبُكُ مِنْ عَيْبٍ بِهَا شِبْهُ الْبَدْرِ
لَهَا كَفَلٌ يَرْتَجُّ مِنْهَا إِذَا مَشَتْ ... وَمتْنٌ كَغُصْنِ الْبَانِ مُضْطَمِرُ الْخِصْرِ
وَلِقَيْسٍ:
أُرِيدُ سُلُوًّا عَنْ لُبَيْنَى وَذِكْرِهَا ... فَيَأْبَى فُؤَادِي الْمُسْتَهَامُ الْمُتَيَّمُ
إِذَا قُلْتُ أَسْلُوهَا تَعَرَّضَ ذِكْرُهَا ... وَعَاوَدَنِي مِنْ ذَاكَ مَا اللَّهُ أَعْلَمُ
صَحَا كُلُّ ذِي وِدٍّ عَلِمْتُ مَكَانُه ... سِوَايَ فَإِنِّي ذَاهِبُ الْعَقْلِ مُغْرَمُ
وَلَهُ:
هَلِ الْحُبُّ إِلا عَبْرةٌ بَعْدَ زَفْرَةٍ ... وَحِزٌ عَلَى الأَحْشَاءِ لَيْسَ لَهُ بُرْدُ
وَفَيْضُ دُمُوعِ تَسْتَهِلُّ إِذَا بَدَا ... لَنَا علم من أرضكم لم يكن يبدو
١ خبر ضعيف: الأغاني "٩/ ٢٢٠".