وتعفت بلاد كثيرة، وهلك أمم لا تحصى، وأنكت في بلاد الفرنج أكثر، وسمعنا أنها وصلت إلى خلاط، وجاءني كتاب من الشام فيه: كادت لها الأرض تسير سيرًا والجبال تمور مورًا، وما ظننا إلَّا أنها زلزلة الساعة، وأتت دفعتين: الأولى مقدار ساعة أو أزيد، والثانية دون ذلك لكن أشد. وفي كتاب آخر: دامت بقدر ما قرأ سورة الكهف، وأن صفد لم يسلم بها سوى ولد صاحبها .. ".
قلت: في هذا الكتاب خسف وإفك، وفيه أن عرقة وصافيثا خسف بهما.
وقال أبو شامة: في شعبان جاءت زلزلة عمت الدنيا في ساعة واحدة، فهدمت نابلس، فمات تحت الهدم ثلاثون ألفًا، وهدمت عكا وصور وجميع قلاع الساحل.
قلت: وهذه مجازفة ظاهرة.
قال: ورمت بعض المنارة الشرقية، وأكثر الكلاسة والمارستان وعامة دور دمشق، وهرب الناس إلى الميادين، وسقط من الجامع ستة عشر شرفة، وتشققت قبة النسر. إلى أن قال -والعهدة عليه: وأحصي من هلك في هذه السنة فكان ألف ألف ومائة ألف إنسان. ثم قال: نقلت ذلك من تاريخ أبي المظفر سبط ابن الجوزي.
وكانت خراسان في هيج وحروب على الملك، والتقى جيش السلطان غياث الدين الغوري كفار، فانهزم الكفار.
وأنبأني ابن البزوري في تاريخه، قال: زلزلت الجزيرة والشام ومصر، فتخربت أماكن كثيرة جدًا بدمشق وحمص وحماة، واستولى الخراب على صور وعكا ونابلس وطرابلس، وانخسفت قرية، وخربت عدة قلاع.
وحارب المعز بن إسماعيل بن سيف الإسلام صاحب اليمن علويًا خرج عليه فهزم العلوي وقتل من جنده ستة آلاف، وقهر الرعية، وادعى أنه أموي، وتسمى بأمير المؤمنين.
وقدم مدرس النظامية، وكان قد بعث رسولًا من الناصر إلى الغوري.
وندب طاشتكين للحج، ولمحاربة المعز باليمن، فبعث إلى أمراء ينذرهم ويحضهم على طاعة الإمام، فشدوا على المعز فقتلوه.
سنة ثمان وتسعين: تناقص الفناء بمصر لقلة من بقي، فكم من قرية كبيرة لم يبق بها بشر، حتى لنقل بعضهم أن بلدًا كان بها أربع مائة نزل للنساجة لم يبق بها أحد.