الرواية الأولى: مال قاله ابن عباس – رضي الله تعالى عنهما –: لما انصرف المشركون عن أحد، قالوا: لا محمداً، ولا الكواعب أردفتم، بئسما صنعتم، ارجعوا، فسمع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بذلك فندب المسلمين، فانتدبوا حتى بلغوا حمراء الأسد، فبلغ المشركين، فقالوا: نرجع من قابل، فرجع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فكانت تعد غزوة، فأنزل الله – جل وعلا –: " الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ " الآية.
الرواية الثانية:
قاله ابن عباس أيضاً – رضي الله تعالى عنهما – وهو منقول عنه في نهاية السبب الأول المتقدم، وفيه: وقد كان أبو سفيان قال للنبي – صلى الله عليه وسلم – موعدكم موسم بدر حيث قتلتم أصحابنا، فأما الجبان فرجع، وأما الشجاع فأخذ أهبة القتال والتجارة، فأتوه، فلم يجدوا به أحد، وتسوقوا، فأنزل الله – عز وجل –: " فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللهِ وَفَضْلٍ " الآية. انظر ذلك الأثر بشقيه في مجمع الزوائد – كتاب المغازي – باب منه في وقعة أحد –: (٦/١٢١) ، وقال رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن منصور الجواز وهو ثقة، وقال السيوطي في الدر: (٢/١٠١) ، رواه النسائي والطبراني وابن أبي حاتم بسند صحيح، وقال الحافظ في الفتح: (٨/٢٢٨-٢٢٩) أخرجه النسائي وابن مردويه ورجاله رجال الصحيح، إلا أن المحفوظ إرساله عن عكرمة ليس فيه ابن عباس – رضي الله تعالى عنهم أجمعين – ومن الطريق المرسلة أخرجه ابن أبي حاتم وغيره. وقد رجح ابن جرير في تفسيره: (٤/١٢١) السبب الأول، ومال إليه، لأن ذلك يوافق خروجهم وبهم الجراح والكلوم، وأما خروجهم لبدر بعد عام فلا يتأتى فيه ذلك لاندمال الجرح، وبرء الكلوم، وانظر تفصيل الروايات فيما ورد في سبب نزول هذه الآية فيه: (٤/١١٦-١٢٣) ، وزاد المسير: (١/٥٠٣-٥٠٧) ، وتفسير ابن كثير: (١/٤٢٨-٤٣١) ، ولباب النقول: (٥٤-٥٥) ، وأسباب النزول: (٨٧-٨٨) ، وحمراء الأسد موضع على ثمانية أميال من المدينة المنورة كما في جامع البيان: (٤/١١٧) ، ومراصد الاطلاع: (١/٤٢٤) .