للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قَالَ: وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَتَقَابَضَا فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُك هَذِهِ وَأُخْرَى مَعَهَا وَقَالَ الْمُشْتَرِي: بِعْتنِيهَا وَحْدَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي)؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي مِقْدَارِ الْمَقْبُوضِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لِلْقَابِضِ

مَا ذَكَرْنَا تَتِمَّةُ أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ عَيْبًا ظَاهِرًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ أَصْلًا مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ إلَى وَقْتِ الْخُصُومَةِ كَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ وَالْعَمَى وَالنَّاقِصَةِ وَالسِّنِّ الشَّاعِبَةِ: أَيْ الزَّائِدَةِ.

فَالْقَاضِي فِيهِمَا يَقْضِي بِالرَّدِّ إذَا طَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ تَحْلِيفٍ لِلتَّيَقُّنِ بِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْبَائِعُ رِضَاهُ بِهِ أَوْ الْعِلْمَ بِهِ عِنْدَ الشِّرَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءَ مِنْهُ، فَإِذَا ادَّعَاهُ سَأَلَ الْمُشْتَرِيَ، فَإِنْ اعْتَرَفَ امْتَنَعَ الرَّدُّ، وَإِنْ أَنْكَرَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَجَزَ يُسْتَحْلَفُ مَا عَلِمَ بِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ أَوْ مَا رَضِيَ وَنَحْوُهُ، فَإِنْ حَلَفَ رَدَّهُ، وَإِنْ نَكَلَ امْتَنَعَ الرَّدُّ، الثَّانِي أَنْ يَدَّعِيَ عَيْبًا بَاطِنًا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْأَطِبَّاءُ كَوَجَعِ الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ، فَإِنْ اعْتَرَفَ بِهِ عِنْدَهُمَا رَدَّهُ، وَكَذَا إذَا أَنْكَرَهُ فَأَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ أَوْ حَلَفَ الْبَائِعُ فَنَكَلَ إلَّا إنْ ادَّعَى الرِّضَا فَيَعْمَلُ مَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ أَنْكَرَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي يُرِيهِ طَبِيبَيْنِ مُسْلِمَيْنِ عَدْلَيْنِ وَالْوَاحِدُ يَكْفِي وَالِاثْنَانِ أَحْوَطُ، فَإِذَا قَالَ بِهِ ذَلِكَ يُخَاصِمُهُ فِي أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ.

الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ عَيْبًا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَّا النِّسَاءُ كَدَعْوَى الرَّتَقِ وَالْقَرَنِ وَالْعَفَلِ وَالثِّيَابَةِ وَقَدْ اشْتَرَى بِشَرْطِ الْبَكَارَةِ، فَعَلَى هَذَا إلَّا أَنَّهُ إذَا أَنْكَرَ قِيَامَهُ فِي الْحَالِ أُرِيَتْ النِّسَاءَ وَالْمَرْأَةُ الْعَدْلُ كَافِيَةٌ، فَإِذَا قَالَتْ: ثَيِّبًا أَوْ قَرْنَاءَ رُدَّتْ عَلَيْهِ بِقَوْلِهَا عِنْدَهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِذَا انْضَمَّ إلَيْهِ نُكُولُهُ عِنْدَ تَحْلِيفِهِ غَيْرَ أَنَّ الْقَرَنَ وَنَحْوَهُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يَحْدُثُ تُرَدُّ عِنْدَ قَوْلِ الْمَرْأَتَيْنِ هِيَ قَرْنَاءُ بِلَا خُصُومَةٍ فِي أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ لِلتَّيَقُّنِ بِذَلِكَ كَمَا فِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ رِضَاهُ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَفِي شَرْحِ قَاضِي خَانْ: الْعَيْبُ إذَا كَانَ مُشَاهَدًا، وَهُوَ مِمَّا لَا يَحْدُثُ يُؤْمَرُ بِالرَّدِّ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَحْدُثُ وَاخْتُلِفَ فِي حُدُوثِهِ فَالْبَيِّنَةُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ الْخِيَارَ وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الْخِيَارَ، وَهَذَا يُعْرَفُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ.

وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَادَّعَى أَنَّهَا خُنْثَى يَحْلِفُ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْظُرُ إلَيْهِ الرِّجَالُ وَلَا النِّسَاءُ، وَلَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ أَتَبِيعَهُ قَالَ نَعَمْ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ عَرْضٌ عَلَى الْبَيْعِ، وَلَوْ قَالَ بِعْهُ فَإِنْ لَمْ يُشْتَرَ رُدَّهُ عَلَيَّ فَعَرَضَهُ فَلَمْ يُشْتَرَ سَقَطَ الرَّدُّ، وَلَوْ وَجَدَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ زُيُوفًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: أَنْفِقْهُ، فَإِنْ لَمْ يَرُجْ رُدَّهُ عَلَيَّ فَأَنْفَقَ فَلَمْ يَرُجْ رَدَّهُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ كَانَ ثَوْبًا فَقَالَ هُوَ قَصِيرٌ فَقَالَ الْبَائِعُ أَرِهِ الْخَيَّاطَ.

فَإِنْ قَطَعَهُ وَإِلَّا رُدَّهُ فَفَعَلَ فَإِذَا هُوَ قَصِيرٌ فَلَهُ الرَّدُّ، اشْتَرَى لِمَيِّتٍ كَفَنًا ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يَرُدُّهُ وَلَا يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ حَتَّى يَحْدُثَ بِهِ عَيْبٌ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ، وَفِي الْقُنْيَةِ: لَوْ وَجَدَهُ مَعِيبًا فَخَاصَمَ بَائِعَهُ فِيهِ ثُمَّ تَرَكَ الْخُصُومَةَ أَيَّامًا ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا فَقَالَ لَهُ بَائِعُهُ: لِمَ سَكَتَّ عَنْ الْخُصُومَةِ مُدَّةً؟ فَقَالَ: لِأَنْظُرَ أَنَّهُ يَزُولُ أَوْ لَا فَلَهُ رَدُّهُ، كَذَا فِي الْمُجْتَبَى،.

(قَوْلُهُ وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً) أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْأَعْيَانِ (وَتَقَابَضَا) فَقَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ وَالْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ (فَوَجَدَ بِهَا) الْمُشْتَرِي (عَيْبًا) فَجَاءَ لِيَرُدَّهُ فَاعْتَرَفَ الْبَائِعُ بِمَا وَجَبَ الرَّدُّ إلَّا أَنَّهُ (قَالَ بِعْتُك هَذِهِ وَأُخْرَى مَعَهَا) وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ عَلَى رَدِّ حِصَّةِ هَذِهِ فَقَطْ لَا كُلِّ الثَّمَنِ (وَقَالَ الْمُشْتَرِي بِعْتنِيهَا وَحْدَهَا) فَارْدُدْ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدٍ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ هَذَا اخْتِلَافٌ فِي مِقْدَارِ الْمَقْبُوضِ، وَالْقَوْلُ) فِيهِ (قَوْلُ الْقَابِضِ) أَمِينًا كَانَ أَوْ ضَمِينًا؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ زِيَادَةً يَدَّعِيهَا عَلَيْهِ الْبَائِعُ؛ وَلِأَنَّ الْبَيْعَ انْفَسَخَ فِي الْمَرْدُودِ بِالرَّدِّ، وَذَلِكَ سَقْطٌ لِلثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي، وَالْبَائِعُ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ بَعْضَ الثَّمَنِ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا ظَهَرَ سَبَبُ السُّقُوطِ

<<  <  ج: ص:  >  >>