للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ تَزَوَّجَ حُرٌّ امْرَأَةً عَلَى خِدْمَتِهِ إيَّاهَا سَنَةً أَوْ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَهَا قِيمَةُ خِدْمَتِهِ، وَإِنْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ امْرَأَةً بِإِذْنِ مَوْلَاهُ عَلَى خِدْمَتِهِ سَنَةً جَازَ وَلَهَا خِدْمَتُهُ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَهَا تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ وَالْخِدْمَةُ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ مَا يَصِحُّ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ بِالشَّرْطِ يَصْلُحُ مَهْرًا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ بِذَلِكَ تَتَحَقَّقُ الْمُعَاوَضَةُ، وَصَارَ كَمَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى خِدْمَةِ حُرٍّ آخَرَ أَوْ عَلَى رَعْيِ الزَّوْجِ غَنَمَهَا وَلَنَا أَنَّ الْمَشْرُوعَ هُوَ الِابْتِغَاءُ بِالْمَالِ وَالتَّعْلِيمُ لَيْسَ بِمَالٍ وَكَذَلِكَ الْمَنَافِعُ عَلَى أَصْلِنَا

الْأَمَةِ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ مُولِيَتَهُ كَذَلِكَ. وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنَّ كُلَّ بُضْعٍ صَدَاقٌ حِينَئِذٍ وَمَنْكُوحٌ فَيَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الزَّوْجِ وَمُسْتَحِقَّ الْمَهْرِ وَهُوَ بَاطِلٌ، وَالْإِطْنَابُ فِي تَقْرِيرِهِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ مُتَعَلِّقَ النَّهْيِ وَالنَّفْيِ مُسَمَّى الشِّغَارِ وَمَأْخُوذٌ فِي مَفْهُومِهِ خُلُوُّهُ عَنْ الصَّدَاقِ وَكَوْنُ الْبُضْعِ صَدَاقًا، وَنَحْنُ قَائِلُونَ بِنَفْيِ هَذِهِ الْمَاهِيَةِ وَمَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا شَرْعًا فَلَا نُثْبِتُ النِّكَاحَ كَذَلِكَ، بَلْ نُبْطِلُهُ فَيَبْقَى نِكَاحًا سُمِّيَ فِيهِ مَا لَا يَصْلُحُ مَهْرًا فَيَنْعَقِدُ مُوجِبًا لِمَهْرِ الْمِثْلِ كَالنِّكَاحِ الْمُسَمَّى فِيهِ خَمْرٌ أَوْ خِنْزِيرٌ، فَمَا هُوَ مُتَعَلِّقُ النَّهْيِ لَمْ نُثْبِتْهُ وَمَا أَثْبَتْنَاهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ بَلْ اقْتَضَتْ الْعُمُومَاتُ صِحَّتَهُ: أَعْنِي مَا يُفِيدُ الِانْعِقَادَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ عَدَمِ تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ وَتَسْمِيَةِ مَا لَا يَصِحُّ مَهْرًا، فَظَهَرَ أَنَّا قَائِلُونَ بِمُوجِبِ الْمَنْقُولِ حَيْثُ نَفَيْنَاهُ وَلَمْ نُوجِبْ الْبُضْعَ مَهْرًا. وَعَنْ الثَّانِي بِتَسْلِيمِ بُطْلَانِ الشَّرِكَةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَنَحْنُ لَمْ نُثْبِتْهُ إذْ لَا شَرِكَةَ بِدُونِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَقَدْ أَبْطَلْنَا كَوْنَهُ صَدَاقًا فَبَطَلَ اسْتِحْقَاقُ مُسْتَحِقِّ الْمَهْرِ نِصْفَهُ فَبَقِيَ كُلُّهُ مَنْكُوحًا فِي عَقْدٍ شُرِطَ فِيهِ شَرْطٌ فَاسِدٌ وَلَا يَبْطُلُ بِهِ النِّكَاحُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ رَجُلَيْنِ فَإِنَّ بُطْلَانَ الِاشْتِرَاكِ فِيهِ لَا يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ النِّكَاحِ وَإِنَّمَا اسْتَلْزَمَهُ عَدَمُ مُوجِبِ التَّعْيِينِ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ

. (قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَ حُرٌّ امْرَأَةً عَلَى خِدْمَتِهِ شَهْرًا أَوْ سَنَةً فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ: لَهَا قِيمَةُ خِدْمَتِهِ سَنَةً) وَلَمْ يَذْكُرْ الْقُدُورِيُّ خِلَافًا. وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ؛ فَقَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعَ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَإِلَّا لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى خِلَافِ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَهَا تَعْلِيمُ الْقُرْآنِ وَالْخِدْمَةِ فِي الْوَجْهَيْنِ) أَيْ وَجْهَيْ حُرِّيَّةِ الزَّوْجِ وَعَبْدِيَّتِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْمَنَافِعُ عَلَى أَصْلِنَا) قَصْرُ النَّظَرِ عَلَى هَذِهِ النُّكْتَةِ يُوجِبُ أَنْ لَا يَصِحَّ تَسْمِيَةُ شَيْءٍ مِنْ الْمَنَافِعِ، وَمُلَاحَظَةُ قَوْلِهِ وَخِدْمَةُ الْعَبْدِ ابْتِغَاءً بِالْمَالِ لِتَضَمُّنِهِ تَسْلِيمَ رَقَبَتِهِ وَهِيَ مَالٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>