للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هُوَ الْمَفْرُوضُ فِي الْحَجِّ) وَهُوَ رُكْنٌ فِيهِ إذْ هُوَ الْمَأْمُورُ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ وَيُسَمَّى طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَطَوَافَ يَوْمِ النَّحْرِ (وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهُ عَنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ) لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ مُوَقَّتٌ بِهَا (وَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْهَا لَزِمَهُ دَمٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ) وَسَنُبَيِّنُهُ فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ (ثُمَّ يَعُودُ إلَى مِنًى فَيُقِيمُ بِهَا) لِأَنَّ النَّبِيَّ رَجَعَ إلَيْهَا كَمَا رَوَيْنَا، وَلِأَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ الرَّمْيُ وَمَوْضِعُهُ بِمِنًى (فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ رَمَى الْجِمَارَ الثَّلَاثَ فَيَبْدَأُ بِاَلَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ وَيَقِفُ عِنْدَهَا، ثُمَّ يَرْمِي الَّتِي مِثْلَ ذَلِكَ وَيَقِفُ عِنْدَهَا، ثُمَّ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ كَذَلِكَ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا) هَكَذَا رَوَى جَابِرٌ فِيمَا نَقَلَ مِنْ نُسُكِ رَسُولِ اللَّهِ مُفَسِّرًا، وَيَقِفُ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ فِي الْمَقَامِ الَّذِي يَقِفُ فِيهِ النَّاسُ وَيَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ وَيُهَلِّلُ وَيُكَبِّرُ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ ، وَيَدْعُو بِحَاجَتِهِ وَيَرْفَعُ

وَجْهَ التَّمَسُّكِ بِهِ لِلْوُجُوبِ حَيْثُ قَالَ: وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ، فَقَوْلُهُ لِمَا بَيَّنَّا يَشْمَلُ جَمِيعَ الْمَرْوِيِّ مَعَ مَا ذُكِرَ مِنْ وَجْهِ الِاسْتِدْلَالِ

(قَوْلُهُ إذْ هُوَ الْمَأْمُورُ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ عَلَى ذَلِكَ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ كَمَا رَوَيْنَا) يَعْنِي قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِهِ " إنَّ النَّبِيَّ لَمَّا حَلَقَ أَفَاضَ إلَى مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ " إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ وَقْتَ الرَّمْيِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لَا يَدْخُلُ إلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ، وَكَذَا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَسَيَتَبَيَّنُ (قَوْلُهُ فَيَبْتَدِئُ بِاَلَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ إلَخْ) هَلْ هَذَا التَّرْتِيبُ مُتَعَيَّنٌ أَوْ لَا؟ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَفِي الْمَنَاسِكِ لَوْ بَدَأَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ ثُمَّ بِالْوُسْطَى ثُمَّ بِاَلَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ، فَإِنْ أَعَادَ عَلَى الْوُسْطَى ثُمَّ عَلَى الْعَقَبَةِ فِي يَوْمِهِ فَحَسَنٌ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ سُنَّةٌ وَإِنْ لَمْ يُعِدْ أَجْزَأَهُ. وَفِي الْمُحِيطِ: فَإِنْ رَمَى كُلَّ جَمْرَةٍ بِثَلَاثٍ أَتَمَّ الْأُولَى بِأَرْبَعٍ ثُمَّ أَعَادَ الْوُسْطَى بِسَبْعٍ ثُمَّ الْعَقَبَةَ بِسَبْعٍ، وَإِنْ كَانَ رَمَى كُلَّ وَاحِدَةٍ بِأَرْبَعٍ أَتَمَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِثَلَاثٍ ثَلَاثٍ وَلَا يُعِيدُ لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ وَكَأَنَّهُ رَمَى الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ بَعْدَ الْأُولَى، وَإِنْ اسْتَقْبَلَ رَمْيَهَا فَهُوَ أَفْضَلُ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ: لَوْ رَمَى الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَ فَإِذَا فِي يَدِهِ أَرْبَعُ حَصَيَاتٍ لَا يَدْرِي مِنْ أَيَّتُهُنَّ هُنَّ يَرْمِيهِنَّ عَلَى الْأَوْلَى وَيَسْتَقْبِلُ الْبَاقِيَتَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مِنْ الْأَوْلَى فَلَمْ يَجُزْ رَمْيُ الْأُخْرَيَيْنِ، وَلَوْ كُنَّ ثَلَاثًا أَعَادَ عَلَى كُلِّ جَمْرَةٍ وَاحِدَةً، وَلَوْ كَانَتْ حَصَاةً أَوْ حَصَاتَيْنِ أَعَادَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ وَاحِدَةً وَيُجْزِيهِ لِأَنَّهُ رَمَى كُلَّ وَاحِدَةٍ بِأَكْثَرِهَا اهـ.

وَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْخِلَافِ، وَاَلَّذِي يُقْوَى عِنْدِي اسْتِنَانُ التَّرْتِيبِ لَا تَعَيُّنُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. بِخِلَافِ تَعْيِينِ الْأَيَّامِ كُلِّهَا لِلرَّمْيِ، وَالْفَرْقُ لَا يَخْفَى عَلَى مُحَصِّلٍ. وَلَوْ تَرَكَ حَصَاةً مِنْ الْبَعْضِ لَا يَدْرِي مِنْ أَيَّتِهَا أَعَادَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ حَصَاةً لِيَبْرَأَ بِيَقِينٍ. وَلَوْ رَمَى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي الْوُسْطَى وَالثَّالِثَةَ وَلَمْ يَرْمِ الْأُولَى، فَإِنْ رَمَى الْأُولَى وَأَعَادَ عَلَى الْبَاقِيَتَيْنِ فَحَسَنٌ، وَإِنْ رَمَى الْأُولَى وَحْدَهَا جَازَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَيَقِفُ عِنْدَهَا) أَيْ عِنْدَ الْجَمْرَةِ بَعْدَ تَمَامِ الرَّمْيِ لَا عِنْدَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَقَوْلُهُ هَكَذَا رَوَى جَابِرٌ. الَّذِي فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ إنَّمَا هُوَ التَّعَرُّضُ لِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لَيْسَ غَيْرُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ يُعْرَفُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ.

وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْبُخَارِيِّ وَهُوَ قَوْلُهُ «كَانَ النَّبِيُّ إذَا رَمَى الْجَمْرَةَ الْأُولَى» إلَخْ يُبَيِّنُ كَيْفِيَّةَ الْوُقُوفِ وَمَوْضِعَهُ، وَأَنَّهُ كَانَ يُطِيلُهُ رَافِعًا يَدَيْهِ، فَارْجِعْ إلَيْهِ تَسْتَغْنِ بِهِ عَنْهُ وَعَنْ حَدِيثِ «لَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي إلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>