للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالطَّوَافُ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ، وَأَفْضَلُ هَذِهِ الْأَيَّامِ أَوَّلُهَا كَمَا فِي التَّضْحِيَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ «أَفْضَلُهَا أَوَّلُهَا» (فَإِنْ كَانَ قَدْ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَقِيبَ طَوَافِ الْقُدُومِ لَمْ يَرْمُلْ فِي هَذَا الطَّوَافِ وَلَا سَعْيَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُقَدِّمْ السَّعْيَ

[وَهَذِهِ فُرُوعٌ تَتَعَلَّقُ بِالطَّوَافِ] مَكَانُ الطَّوَافِ دَاخِلُ الْمَسْجِدِ، فَلَوْ طَافَ مِنْ وَرَاءِ السَّوَارِي أَوْ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ طَافَ مِنْ وَرَاءِ الْمَسْجِدِ لَا يَجُوزُ وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ. وَفِي مَوْضِعٍ: إنْ كَانَتْ حِيطَانُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ لَمْ يُجْزِهِ، يَعْنِي بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ حِيطَانُهُ مُنْهَدِمَةً، وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ.

يَعْنِي وَقَعَ ذِكْرُ الْحِيطَانِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَكِنَّهُ اتِّفَاقِيٌّ لَا مُعْتَبَرَ الْمَفْهُومِ لِمَا يُفْهَمُ مِنْ التَّعْلِيلِ فِي أَصْلِ الْمَبْسُوطِ، فَأَمَّا إذَا طَافَ مِنْ وَرَاءِ الْمَسْجِدِ فَكَانَتْ حِيطَانُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ لَمْ يُجْزِهِ لِأَنَّهُ طَافَ بِالْمَسْجِدِ لَا بِالْبَيْتِ، أَرَأَيْت لَوْ طَافَ بِمَكَّةَ كَانَ يُجْزِيهِ؛ وَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ فِي مَكَّةَ، أَرَأَيْت لَوْ طَافَ بِالدُّنْيَا أَكَانَ يُجْزِيهِ مِنْ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ لَا يُجْزِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَهَذَا مِثْلُهُ اهـ.

وَلَا شَكَّ أَنَّ الطَّائِفَ بِمَكَّةَ يُقَالُ فِيهِ طَائِفٌ بِمَكَّةَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حِيطَانَ سُوَرٍ، وَكَذَا بِالْمَسْجِدِ، وَهَذَا لِأَنَّ النِّسْبَةَ: أَعْنِي نِسْبَةَ الطَّوَافِ إلَى الْكَعْبَةِ إنَّمَا تَثْبُتُ بِقُرْبٍ مِنْهَا مُنَاسِبٍ، وَلَوْلَا أَنَّ الْمَسْجِدَ لَهُ حُكْمُ الْبُقْعَةِ الْوَاحِدَةِ وَإِنْ انْتَشَرَتْ أَطْرَافُهُ لَكَانَ يُنَاسَبُ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ بِالطَّوَافِ فِي حَوَاشِيهِ تَحْتَ الْأَبْنِيَةِ لِلْبُعْدِ الَّذِي قَدْ يَقْطَعُ النِّسْبَةَ إلَيْهِ، حَتَّى إنَّ مَنْ دَارَ هُنَاكَ إنَّمَا يُقَالُ: كَانَ فُلَانٌ يَدُورُ فِي الْمَسْجِدِ كَأَنَّهُ يَتَأَمَّلُ بُقَعَهُ وَأَبْنِيَتَهُ، وَلَا يُقَالُ فِي الْعُرْفِ: كَانَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ.

وَأَوَّلُ مَا يَبْدَأُ بِهِ دَاخِلُ الْمَسْجِدِ الطَّوَافُ مُحْرِمًا أَوْ غَيْرَ مُحْرِمٍ دُونَ الصَّلَاةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ صَلَاةٌ فَائِتَةٌ أَوْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِيَّةِ وَلَوْ الْوِتْرَ أَوْ سُنَّةً رَاتِبَةً أَوْ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ فَيُقَدِّمُ الصَّلَاةَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ عَلَى الطَّوَافِ، كَمَا لَوْ دَخَلَ فِي وَقْتٍ مُنِعَ النَّاسُ الطَّوَافَ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا فَطَوَافُ تَحِيَّةٍ، وَإِنْ كَانَ بِالْحَجِّ فَطَوَافُ الْقُدُومِ إنْ كَانَ دُخُولُهُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَطَوَافُ الْفَرِيضَةِ يُغْنِي عَنْهُ، وَلَوْ نَوَاهُ وَقَعَ عَنْ الْفَرْضِ، وَإِنْ كَانَ بِالْعُمْرَةِ فَبِطَوَافِ الْعُمْرَةِ، وَلَا يُسَنُّ طَوَافُ الْقُدُومِ لَهُ، وَلَوْ نَوَاهُ وَقَعَ عَنْ الْعُمْرَةِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا مِنْ الْبَيْتِ فِي طَوَافِهِ إذَا لَمْ يُؤْذِ أَحَدًا.

وَالْأَفْضَلُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَكُونَ فِي حَاشِيَةِ الْمَطَافِ، وَيَكُونُ طَوَافُهُ مِنْ وَرَاءِ الشَّاذَرْوَانِ كَيْ لَا يَكُونَ بَعْضُ طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْهُ. وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: الشَّاذَرْوَانُ لَيْسَ مِنْ الْبَيْتِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ مِنْهُ حَتَّى لَا يَجُوزَ الطَّوَافُ عَلَيْهِ، وَالشَّاذَرْوَانُ هُوَ تِلْكَ الزِّيَادَةُ الْمُلْصَقَةُ بِالْبَيْتِ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إلَى فُرْجَةِ الْحِجْرِ. قِيلَ بَقِيَ مِنْهُ حِينَ عَمَّرَتْهُ قُرَيْشٌ وَضَيَّقَتْ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ بِطَرِيقٍ لَا مَرَدَّ لَهُ كَثُبُوتِ كَوْنِ بَعْضِ الْحِجْرِ مِنْ الْبَيْتِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُنَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْبَيْتَ هُوَ الْجِدَارُ الْمَرْئِيُّ قَائِمًا إلَى أَعْلَاهُ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُبْدَأَ بِالطَّوَافِ مِنْ جَانِبِ الْحِجْرِ الَّذِي يَلِي الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ لِيَكُونَ مَارًّا عَلَى جَمِيعِ الْحِجْرِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ فَيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ مَنْ يَشْتَرِطُ الْمُرُورَ كَذَلِكَ عَلَيْهِ، وَشَرْحُهُ أَنْ يَقِفَ مُسْتَقْبِلًا عَلَى جَانِبِ الْحِجْرِ بِحَيْثُ يَصِيرُ جَمِيعُ الْحِجْرِ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ يَمْشِي كَذَلِكَ مُسْتَقْبِلًا حَتَّى يُجَاوِزَ الْحِجْرَ، فَإِذَا جَاوَزَهُ انْفَتَلَ وَجَعَلَ يَسَارَهُ إلَى الْبَيْتِ وَهَذَا فِي الِافْتِتَاحِ خَاصَّةً.

وَإِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ أَوْ الْجِنَازَةُ خَرَجَ مِنْ طَوَافِهِ إلَيْهَا، وَكَذَا إذَا كَانَ فِي السَّعْيِ، ثُمَّ إذَا فَرَغَ وَعَادَ بَنَى عَلَى مَا كَانَ طَافَهُ وَلَا يَسْتَقْبِلُهُ، وَكَذَا إذَا خَرَجَ لِتَجْدِيدِ وُضُوءٍ. وَلَا يُكْرَهُ الطَّوَافُ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ، إلَّا أَنَّهُ لَا يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فِيهَا بَلْ يَصْبِرُ إلَى أَنْ يَدْخُلَ مَا لَا كَرَاهَةَ فِيهِ. وَيُكْرَهُ وَصْلُ الْأَسَابِيعِ وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ وَغَيْرِهِ.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا بَأْسَ بِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَنْفَصِلَ عَنْ وِتْرٍ مِنْهَا. وَمَعَ الْكَرَاهَةِ لَوْ طَافَ أُسْبُوعًا ثُمَّ شَوْطًا أَوْ شَوْطَيْنِ مِنْ آخِرَ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ أُسْبُوعَيْنِ لَا يَقْطَعُ الْأُسْبُوعَ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>