تَكْبِيرِ الصَّلَاةِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ، بَلْ ظَاهِرُ مَذْهَبِهِ أَنَّ تَكْبِيرَ الصَّلَاةِ وَاجِبٌ فِي النَّفْلِ كَمَا أَنَّهُ وَاجِبٌ فِي الْفَرْضِ، وَإِنْ قِيلَ: هُوَ سُنَّةٌ فِي الْفَرْضِ، قِيلَ: هُوَ سُنَّةٌ فِي النَّفْلِ، فَأَمَّا التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ قَوْلًا لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ.
وَأَمَّا الَّذِي ذَكَرَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي تَكْبِيرِهِ دُبُرَ الصَّلَاةِ إِذَا كَانَ مُنْفَرِدًا فَهُو مَشْهُورٌ عَنْهُ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ نِزَاعٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مَشْهُورَةٌ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَمَّا ذَكَرَ حَدِيثَ أبي سلمة: " «أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يُصَلِّي لَهُمْ فَيُكَبِّرُ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» " فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ سعيد بن سمعان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " «ثَلَاثٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُنَّ وَتَرَكَهُنَّ النَّاسُ: كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ مَدًّا، وَكَانَ يَقِفُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ هُنَيْهَةً يَسْأَلُ اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ، وَكَانَ يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَفَعَ وَخَفَضَ» " قُلْتُ: هَذِهِ الثَّلَاثَةُ تَرَكَهَا طَائِفَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَالْفُقَهَاءِ مِمَّنْ لَا يَرْفَعُ الْيَدَيْنِ وَلَا يُوجِبُ التَّكْبِيرَ وَمَنْ لَا يَسْتَحِبُّ الِاسْتِفْتَاحَ وَالِاسْتِعَاذَةَ، وَمَنْ لَا يَجْهَرُ مِنَ الْأَئِمَّةِ بِتَكْبِيرِ الِانْتِقَالِ.
قَالَ: وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ التَّكْبِيرَ إِنَّمَا هُوَ إِيذَانٌ بِحَرَكَاتِ الْإِمَامِ وَشِعَارٌ لِلصَّلَاةِ وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ إِلَّا فِي الْجَمَاعَةِ، أَمَّا مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُكَبِّرَ؛ وَلِهَذَا ذَكَرَ مالك هَذَا الْحَدِيثَ وَحَدِيثَ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ علي بن حسين قَالَ: " «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُ فِي الصَّلَاةِ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ، فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute